الهمداني، والوعظ على أبي طاهر بن العلاف، صاحب ابن سمعون، والأصول على أبي الوليد المعتزلي، وكان يجتمع بجميع العلماء من كل مذهب، فربما لامه بعض أصحابه فلا يلوي عليهم، فلهذا برز على أقرانه وساد أهل زمانه في فنون كثيرة، مع صيانة وديانة وحسن صورة وكثرة اشتغال، وقد وعظ في بعض الأحيان فوقعت فتنة فترك ذلك، وقد متعه الله بجميع حواسه إلى حين موته، توفي بكرة الجمعة ثاني جمادى الأولى من هذه السنة، وقد جاوز الثمانين، وكان جنازته حافلة جدا، ودفن قريبا من قبر الإمام أحمد، إلى جانب الخادم مخلص رحمه الله.
أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني قاضي القضاة ابن قاضي القضاة، ولد في رجب سنة ست (1) وأربعين وأربعمائة، وولي القضاء بباب الطاق من بغداد وله من العمر ست وعشرون سنة، ولا يعرف حاكم قضى لأربعة من الخلفاء غيره إلا شريح، ثم ذكر إمامته وديانته وصيانته مما يدل على نخوته، وتفوقه وقوته، تولى الحكم أربعا وعشرين سنة وستة أشهر، وقبره عند مشهد أبي حنيفة.
المبارك بن علي ابن الحسين (2) أبو سعد المخرمي (3)، سمع الحديث وتفقه على مذهب أحمد، وناظر وأفتى ودرس، وجمع كتبا كثيرة لم يسبق إلى مثلها، وناب في القضاء وكان حسن السيرة جميل الطريق، سديد الأقضية، وقد بنى مدرسة بباب الأزج وهي المنسوبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلي الحنبلي، ثم عزل عن القضاء وصودر بأموال جزيلة، وذلك في سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وتوفي في المحرم من هذه السنة ودفن إلى جانب أبي بكر الخلال عند قبر أحمد.
ثم دخلت سنة أربع عشرة وخمسمائة في النصف من ربيع الأول منها كانت وقعة عظيمة بين الأخوين السلطان محمود ومسعود ابني محمد بن ملكشاه عند عقبة اسداباذ، فانهزم عسكر مسعود وأسر وزيره الأستاذ أبو إسماعيل وجماعة