إليه ألفا وخمسمائة فارس يستعين بهم على قتال الفرنج، وكتب إلى الفرنج يأمرهم بتخريب هذا الحصن الذي بنوه للداوية فامتنعوا إلا أن يبذل لهم ما غرموه عليه، فبذل لهم ستين ألف دينار فلم يقبلوا، ثم أوصلهم إلى مائة ألف دينار، فقال له ابن أخيه تقي الدين عمر: ابذل هذا إلى أجناد المسلمين وسر إلى هذا الحصن فخربه، فأخذ بقوله في ذلك وخربه في السنة الآتية كما سنذكره.
وفيها أمر الخليفة المستضئ بكتابة لوح على قبر الإمام أحمد بن حنبل، فيه آية الكرسي، وبعدها هذا قبر تاج السنة وحبر الأمة العالي الهمة العالم العابد الفقيه الزاهد، وذكروا تاريخ وفاته رحمه الله تعالى.
وفيها احتيط ببغداد على شاعر (1) ينشد للروافض أشعارا في ثلب الصحابة وسبهم، وتهجين من يحبهم، فعقد له مجلس بأمر الخليفة ثم استنطق فإذا هو رافضي خبيث داعية إليه، فأفتى الفقهاء بقطع لسانه ويديه، ففعل به ذلك، ثم اختطفته العامة فما زالوا يرمونه بالآجر حتى ألقى نفسه في دجلة فاستخرجوه منها فقتلوه حتى مات، فأخذوا شريطا وربطوه في رجله وجروه على رجله حتى طافوا به البلد وجميع الأسواق، ثم ألقوه في بعض الأتونة مع الآجر والكلس، وعجز الشرط عن تخليصه منهم.
وفيها توفي من الأعيان..
أسعد بن بلدرك الجبريلي سمع الحديث وكان شيخا ظريف المذاكرة جيد المبادرة، توفي عن مائة سنة وأربع سنين.
الحيص بيص سعد بن محمد بن سعد [الملقب] شهاب الدين، أبو الفوارس المعروف بحيص بيص، له ديوان شعر مشهور، توفي يوم الثلاثاء خامس شهر شعبان من هذه السنة، وله ثنتان وثمانون سنة، وصلي عليه بالنظامية، ودفن بباب التبن، ولم يعقب، ولم يكن له في المراسلات بديل، كان يتقعر فيها ويتفاصح جدا، فلا تواتيه إلا وهي معجرفة، وكان يزعم أنه من بني تميم، فسئل أبوه عن ذلك فقال ما سمعته إلا منه، فقال بعض الشعراء (2) يهجوه فيما ادعاه من ذلك:
كم تبادي وكم تطيل طرطورك * وما فيك شعرة من تميم