خاتون السفرية حظية السلطان ملكشاه، وهي أم السلطانين محمد وسنجر، كانت كثيرة الصدقة والاحسان إلى الناس، لها في كل سنة سبيل يخرج مع الحجاج. وفيها دين وخير، ولم تزل تبحث حتى عرفت مكان أمها وأهلها، فبعثت الأموال الجزيلة حتى استحضرتهم، ولما قدمت عليها أمها كان لها عنها أربعين سنة لم ترها، فأحبت أن تستعلم فهمها فجلست بين جواريها، فلما سمعت أمها كلامها عرفتها فقامت إليها فاعتنقا وبكيا، ثم أسلمت أمها على يديها جزاها الله خيرا. وقد تفردت بولادة ملكين من ملوك المسلمين، في دولة الأتراك والعجم، ولا يعرف لها نظير في ذلك إلا اليسير من ذلك، وهي ولادة بنت العباس، ولدت لعبد الملك الوليد وسليمان، وشاهوند ولدت للوليد يزيد وإبراهيم، وقد وليا الخلافة أيضا، والخيزران ولدت للمهدي الهادي والرشيد.
الطغرائي صاحب لامية العجم، الحسين بن علي بن عبد الصمد، مؤيد الدين الأصبهاني، العميد فخر الكتاب الليثي الشاعر، المعروف بالطغرائي، ولي الوزارة بأربل مدة، أورد له ابن خلكان قصيدته اللامية التي ألفها في سنة خمس وخمسمائة، في بغداد، يشرح فيها أحواله وأموره، وتعرف بلامية العجم أولها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل * وحلية الفضل زانتني لدى العطل مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع * والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل فيم الإقامة بالزوراء؟ لا سكني * بها ولا ناقتي فيها ولا جملي وقد سردها ابن خلكان بكمالها، وأورد له غير ذلك من الشعر والله أعلم.
ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة في المحرم منها رجع السلطان طغرلبك إلى طاعة أخيه محمود، بعد ما كان قد خرج عنها، وأخذ بلاد أذربيجان. وفيها أقطع السلطان محمود مدينة واسط لاقسنقر مضافا إلى الموصل، فسير إليها عماد الدين زنكي بن آقسنقر، فأحسن السيرة بها وأبان عن حزم وكفاية. وفي صفر منها قتل الوزير السلطان محمود أبو طالب السميرمي، قتله باطني، وكان قد برز للمسير إلى همذان، وكانت قد خرجت زوجته في مائة جارية بمراكب الذهب، فلما بلغهن قتله رجعن حافيات حاسرات عن وجوههن، قد هن بعد العز، واستوزر السلطان مكانه شمس الدين الملك عثمان بن نظام الملك.
وفيها التقى آقسنقر ودبيس بن صدقة، فهزمه دبيس وقتل خلقا من جيشه، فأوثق السلطان