عنبسة بن معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب، الأموي أبو المظفر بن أبي العباس الأبيوردي (1) الشاعر، كان عالما باللغة والأنساب، سمع الكثير وصنف تاريخ أبي ورد، وأنساب العرب، وله كتاب في المؤتلف والمختلف، وغير ذلك، وكان ينسب إلى الكبر والتيه الزائد، حتى كان يدعو في صلاته: اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها، وكتب مرة إلى الخليفة الخادم المعاوي، فكشط الخليفة الميم فبقت العاوي، ومن شعره قوله:
تنكر لي دهري ولم يدر أنني * أعز وأحداث الزمان تهون وظل يريني الدهر كيف اغتراره (2) * وبت أريه الصبر كيف يكون محمد بن طاهر ابن علي بن أحمد، أبو الفضل المقدسي الحافظ، ولد سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وأول سماعه سنة ستين، وسافر في طلب الحديث إلى بلاد كثيرة، وسمع كثيرا، وكان له معرفة جيدة بهذه الصناعة، وصنف كتبا مفيدة، غير أنه صنف كتابا في إباحة السماع، وفي التصوف، وساق فيه أحاديث منكرة جدا، وأورد أحاديث صحيحة في غيره وقد أثنى على حفظه غير واحد من الأئمة.
وذكر ابن الجوزي في كتابه هذا الذي سماه: " صفة التصوف " وقال عنه يضحك منه من رآه، قال وكان داودي المذهب، فمن أثنى عليه أثنى لأجل حفظه للحديث، وإلا فما يجرح به أولى. قال:
وذكره أبو سعد السمعاني وانتصر له بغير حجة، بعد أن قال سألت عنه شيخنا إسماعيل بن أحمد الطلحي فأكثر الثناء عليه، وكان سئ الرأي فيه. قال وسمعنا أبا الفضل بن ناصر يقول:
محمد بن طاهر لا يحتج به، صنف في جواز النظر إلى المرد، وكان يذهب مذهب الإباحية، ثم أورد له من شعره قوله في هذه الأبيات:
دع التصوف والزهد الذي اشتغلت * به خوارج (3) أقوام من الناس وعج على دير داريا فإنه به الرهبان * ما بين قسيس وشماس واشرب معتقة من كف كافرة * تسقيك خمرين من لحظ ومن كأس ثم استمع رنة الأوتار من رشأ * مهفهف طرفه أمضى من الماس غنى بشعر امرئ في الناس مشتهر * مدون عندهم في صدر قرطاس لولا نسيم بدا منكم (4) يروحني * لكنت محترقا من حر أنفاسي