شعبان منها قدم أسعد المهيتي مدرسا بالنظامية ببغداد، وناظرا عليها، وصرف الباقرجي عنها، ووقع بينه وبين الفقهاء فتنة بسبب أنه قطع منهم جماعة، واكتفى بمائتي طالب منهم، فلم يهن ذلك على كثير منهم. وفيها سار السلطان محمود إلى بلاد الكرج وقد وقع بينهم وبين القفجاق خلف فقاتلهم فهزمهم، ثم عاد إلى همدان. وفيها ملك طغتكين صاحب دمشق مدينة حماه بعد وفاة صاحبها قراجا (1)، وقد كان ظالما غاشما. وفيها عزل نقيب العلويين وهدمت داره وهو علي بن أفلح، لأنه كان عينا لدبيس، وأضيف إلى علي بن طراد نقابة العلويين مع نقابة العباسيين.
وممن توفي فيها من الأعيان..
أحمد بن محمد ابن علي (2) بن صدقة، التغلبي، المعروف بابن الخياط الشاعر الدمشقي، الكاتب، له ديوان شعر مشهور. قال ابن عساكر ختم به شعر الشعراء بدمشق، شعره جيد حسن، وكان مكثرا لحفظ الاشعار المتقدمة وأخبارهم، وأورد له ابن خلكان قطعة جيدة من شعره من قصيدته التي لو لم يكن له سواها لكفته وهي التي يقول فيها (3):
خذا من صبا نجد أمانا لقلبه (4) * فقد كاد رياها يطير بلبه وإياكما ذاك النسيم فإنه * متى هب كان الوجد أيسر خطبه خليلي، لو أحببتما لعلمتما * محل الهوى من مغرم القلب صبه أتذكر والذكرى تشوق وذو الهوى * يتوق ومن يعلق به الحب يصبه غرام على يأس الهوى ورجائه * وشوق على بعد المزار وقربه وفي الركب مطوي الضلوع على جوى * متى يدعه داعي الغرام يلبه إذا خطرت من جانب الرمل نفحة * تضمن منها داؤه دون صحبه ومحتجب بين الأسنة معرض * وفي القلب من أعراضه مثل حجبه أغار إذا آنست في الحي أنة * حذارا وخوفا (5) أن تكون لحبه توفي في رمضان منها عن سبع وتسعين (6) سنة بدمشق.