أهواك وأنت حظ غيري * يا قاتلتي فما احتيالي أيام عنائي قبل سود * ما أشبههن بالليالي العذل فيك يعذلوني * عن حبك ما لهم وما لي يا ملزمني السلو عنها * الصب أنا وأنت سالي والقول بتركها صواب * ما أحسنه لو استوى لي طلقت تجلدي ثلاثا * والصبوة بعد في خيالي ثم دخلت سنة تسع وخمسين وخمسمائة فيها قدم شاور بن مجير الدين أبو شجاع السعدي الملقب بأمير الجيوش، وهو إذ ذاك وزير الديار المصرية بعد آل رزيك، لما قتل الناصر رزيك بن طلائع، وقام في الوزارة بعده، واستفحل أمره فيها، ثار عليه أمير يقال له الضرغام بن سوار، وجمع له جموعا كثيرة، واستظهر عليه وقتل ولديه طيبا وسليمان، وأسر الثالث وهو الكامل بن شاور، فسجنه ولم يقتله، ليد كانت لأبيه عنده، واستوزر ضرغام ولقب بالمنصور، فخرج شاور من الديار المصرية هاربا من العاضد ومن ضرغام، ملتجئا إلى نور الدين محمود، وهو نازل بجوسق الميدان الأخضر، فأحسن ضيافته وأنزله بالجوسق المذكور، وطلب شاور منه عسكرا ليكونوا معه ليفتح بهم الديار المصرية، وليكون لنور الدين ثلث مغلها (1)، فأرسل معه جيشا عليه أسد الدين شيركوه بن شادي، فلما دخلوا بلاد مصر خرج إليهم الجيش الذين بها فاقتتلوا أشد القتال، فهزمهم أسد الدين وقتل منهم خلقا، وقتل ضرغام بن سوار وطيف برأسه في البلاد، واستقر أمر شاور في الوزارة، وتمهد حاله، ثم اصطلح العاضد وشاور على أسد الدين، ورجع عما كان عاهد عليه نور الدين، وأمر أسد الدين بالرجوع فلم يقبل منه، وعاث في البلاد، وأخذ أموالا كثيرة، وافتتح بلدانا كثيرة من الشرقية وغيرها، فاستغاث شاور عليهم بملك الفرنج الذي بعسقلان، واسمه مري، فأقبل في خلق كثير فتحول أسد الدين إلى بلبيس وقد حصنها وشحنها بالعدد والآلات وغير ذلك، فحصروه فيها ثمانية (2) أشهر، وامتنع أسد الدين وأصحابه أشد الامتناع، فبينما هم على ذلك إذ جاءت الاخبار بأن الملك نور الدين قد اغتنم غيبة الفرنج فسار إلى بلادهم فقتل منهم خلقا كثيرا، وفتح حارم وقتل من الفرنج بها خلقا، وسار إلى بانياس، فضعف صاحب عسقلان الفرنجي، وطلبوا من أسد الدين الصلح فأجابهم إلى ذلك،
(٣٠٨)