الأربعة فاتبعه على ضلالته خلق من الجهلة الرعاع، وباعوا أملاكهم ودفعوا أثمانها إليه، وكان كريما يعطي من قصده ما عنده، ثم إنه قتل بتلك الناحية. ورام رجل آخر من ولد ألب أرسلان بتلك الناحية الملك فلم يتم أمره، بل قبض عليه في أقل من شهرين، وكانوا يقولون ادعى رجل النبوة وآخر الملك، فما كان بأسرع من زوال دولتهما. وفي رجب منها زادت دجلة زيادة عظيمة، فأتلفت شيئا كثيرا من الغلات، وغرقت دور كثيرة ببغداد. وفيها كسر طغتكين أتابك عساكر دمشق الفرنج، وعاد مؤيدا منصورا إلى دمشق، وزينت البلد زينة عجيبة مليحة، سرورا بكسره الفرنج.
وفيها في رمضان منها حاصر الملك رضوان بن تتش صاحب حلب مدينة نصيبين، وفيها ورد إلى بغداد ملك من الملوك وصحبته رجل يقال له: الفقيه، فوعظ الناس في جامع القصر. وحج بالناس رجل من أقرباء الأمير سيف الدولة صدقة.
وممن توفي فيها من الأعيان..
أبو الفتح الحاكم سمع الحديث من البيهقي وغيره، وعلق عن القاضي حسين طريقه وشكره في ذلك، وكان قد تفقه أولا على الشيخ أبي علي السنجي، ثم تفقه وعلق عن إمام الحرمين في الأصول بحضرته، واستجاده وولي بلده مدة طويلة، وناظر، ثم ترك ذلك كله وأقبل على العبادة وتلاوة القرآن. قال ابن خلكان: وبنى للصوفية رباطا من ماله، ولزم التعبد إلى أن مات في مستهل المحرم من هذه السنة.
محمد بن أحمد ابن محمد بن علي بن عبد الرزاق، أبو منصور الخياط (1)، أحد القراء والصلحاء، ختم ألوفا من الناس، وسمع الحديث الكثير، وحين توفي اجتمع العالم في جنازته اجتماعا لم يجتمع لغيره مثله، ولم يعهد له نظير في تلك الأزمان. وكان عمره يوم توفي سبعا وتسعين سنة رحمه الله، وقد رثاه الشعراء، ورآه بعضهم في المنام فقال له: ما فعل بك ربك؟ فقال: غفر لي بتعليمي الصبيان الفاتحة.