واستبشرت أوجه الهدى فرحا * فليقرع الكفر سنه ندما عاد حريم الأعداء منتهك الحمى وفي الطغاة منقسما (1) قصور أهل القصور أخربها * عامر بيت من الكمال سما أزعج بعد السكوت ساكنها * ومات ذلا وأنفه رغما ومما قيل من الشعر ببغداد يبشر الخليفة المستضئ بالخطبة له بمصر وأعمالها:
ليهنيك يا مولاي فتح تتابعت * إليك به خوض الركائب توجف أخذت به مصرا وقد حال دونها * من الشرك يأس في لها الحق يقذف (2) فعادت بحمد الله باسم إمامنا * تتيه على كل البلاد وتشرف ولا غرو إن ذلت ليوسف مصره * وكانت إلى عليائه تتشوف فشابهه خلقا وخلقا وعفة * وكل عن الرحمن في الأرض يخلف كشفت بها عن آل هاشم سبة * وعارا أبى إلا بسيفك يكشف وقد ذكر ذلك أبو شامة في الروضتين، وهي أطول من هذه، وذكر أن أبا الفضائل الحسين بن محمد بن بركات (3) الوزير أنشدها للخليفة عند موته بعد منام رآه، وأراد بيوسف الثاني المستنجد، وهكذا ذكر ابن الجوزي: أنها أنشدت في حياة المستنجد، ولم يخطب بها إلا لابنه المستضئ، فجرى المقال باسم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وقد أرسل الخليفة إلى الملك نور الدين معظمة لما بشر بالخطبة له بمصر، وكذلك للملك صلاح الدين إلى الديار المصرية ومعها أعلام سود ولواء معقود، ففرقت على الجوامع بالشام وبمصر. قال ابن أبي طي في كتابه: ولما تفرغ صلاح الدين من توطيد الملكة وإقامة الخطبة والتعزية، استعرض حواصل القصرين فوجد فيهما من الحواصل والأمتعة والآلات والملابس والمفارش شيئا باهرا، وأمرا هائلا، من ذلك سبعمائة يتيمة من الجوهر، وقضيب زمرد طوله أكثر من شبر وسمكه نحو الابهام، وحبل من ياقوت، وإبريق عظيم من الحجر المانع، وطبل للقولنج (4) إذا ضرب عليه أحد فيه ريح غليظة أو غيرها خرج منه ذلك الريح من دبره، وينصرف عنه ما يجده من القولنج، فاتفق أن بعض امراء الأكراد أخذه في يده ولم يدر ما شأنه، فضرب عليه فحبق - أي ضرط - فألقاه من يده على الأرض فكسره فبطل أمره. وأما القضيب الزمرد فإن صلاح الدين كسره ثلاث فلق فقسمه بين نسائه، وقسم بين الامراء شيئا كثيرا