يكتب للخصيب صاحب مصر، وكان شاعرا راوية ووسوس [في] آخر أيامه فشد بالبيمارستان ومات فيه، وكان سبب وسوسته انه شرب على غير معرفة تمر البلاذر [وهو بضم الذال المعجمة نبات ثمره كنوى التمر، ولبه مثل لب الجوز، وقشره متخلخل، قيل: إنه يقوى الحفظ، ولكن الاكثار منه يؤدي إلى الجنون] فلحقه ما لحقه.
وقال الجهشياري في كتاب الوزراء: جابر بن داود البلاذري كان يكتب للخصيب بمصر...
ولا أدري أيهما شرب البلاذر؟ [أ] أحمد بن يحيى، أو جابر بن داود؟ إلا أن ما ذكره الجهشياري يدل على أن الذي شرب البلاذر هو جده لأنه قال: جابر بن داود، ولعل ابن ابنه لم يكن حينئذ موجودا والله أعلم.
وكان أحمد بن يحيى بن جابر عالما فاضلا شاعرا راوية نسابة متقنا، وكان مع ذلك كثير الهجاء بذئ اللسان...
وحدث علي بن هارون بن المنجم في أماليه عن عمه قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يحيى البلاذري قال: لما أمر المتوكل إبراهيم بن العباس الصولي أن يكتب فيما كان أمر به من تأخير " الخراج " حتى يقع في الخامس من حزيران [وهو الشهر السادس من السنة الشمسية] ويقع استفتاح الخراج فيه، كتب في ذلك كتابه المعروف، وأحسن فيه غاية الاحسان، فدخل عبيد الله بن يحيى على المتوكل فعرفه حضور إبراهيم بن العباس وإحضاره الكتاب معه، فأمر بالاذن له فدخل وأمره بقراءة الكتاب فقرأه واستحسنه عبيد الله وكل من حضر، قال البلاذري: فقلت: فيه خطأ. فقال المتوكل:
في هذا الذي قرأه علي إبراهيم خطأ؟ قلت: نعم. قال: يا عبيد الله وقفت على ذلك؟ قال: لا. فأقبل إبراهيم بن العباس على الكتاب يتدبره فلم ير