وأما الصحيحة فما يضعف الاحتجاج بها أنه رواه الشيخ في مقام آخر بهذا السند (1) أنه " لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا " ومن المستبعد جدا تعددها، بل الشيخ (رحمه الله) ذكر هذه الرواية في مقام الاستدلال على عدم جواز النكس في غسل اليدين، فقال: " أما الخبر الذي رواه محمد بن يعقوب عن يونس (2) قال: " أخبرني من رأى أبا الحسن (عليه السلام) بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم " فمقصور على مسح الرجلين، ولا يتعدى إلى الرأس واليدين " ويدل على ذلك أيضا ما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان (3) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا " فقد أخرجها شاهدا على التوسعة في مسح القدمين، كما ورد مثل ذلك في غيرها من الأخبار (4) أن ": الأمر في مسح الرجلين موسع، ما شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبرا، وأنه من الأمر الموسع " بل قد يظهر من ملاحظة هذه وغيرها أن الحكم مقصور على الرجلين، بل في الوسائل باب جواز النكس في المسح، ولم ينقل هذه الرواية فيه، بل نقل رواية أنه " لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا " فغير بعيد أن يكون هذا التغيير من النساخ، وما يقال: إنه يتم الاستدلال برواية القدمين بالاجماع المركب، إذ لا قائل بالتوسعة فيهما دون الرأس يدفعه أنه ظاهر الشيخ في التهذيب، بل هو صريحه، وما عن ظاهر النهاية التي هي متون أخبار، بل نقل في كشف اللثام التوسعة في القدمين عن جمع لم ينقل الجواز عنهم في المقام، كما أنه قد نص على الجواز في القدمين في الإشارة والمراسم، وأطلقا في المقام، فلعلهما يخالفان أيضا، كما هو قضية حجية مفهوم اللقب في عبارة الفقهاء، وأنه به يثبت الوفاق والخلاف. فقد ظهر لك من ذلك كله أن القول بعدم الجواز لا يخلو من قوة وإن كان الأول أقوى، لمكان حصول التردد من جميع ما ذكرنا، وما شك في شرطيته