متباينان لا يصدق أحدهما على الآخر أو بينهما عموما من وجه؟ يظهر من جملة كالمرتضى والشيخ وغيرهم من الأصحاب الأول، وصرح بعض المتأخرين بالثاني زاعما صدق اسم الغسل والمسح في إجراء الماء بمعونة اليد، وصدق الأول بدون الثاني في جريان الماء بنفسه مثلا، والثاني دون الأول بما لم يكن معه جريان للماء، وعليه ينبغي التشخيص بالنسبة إلى محل الاشتراك بالنية، فمن كان من نيته الغسل يعد ممتثلا في مقام الأمر به كالعكس، بل لعل النية في ابتداء الوضوء كافية، فلا تقدح الغفلة عنده حينئذ، وقد يشير إليه صحيح زرارة (1) قال: قال (عليه السلام) لي: " لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك من المفروض لم يكن ذلك بوضوء " ويراد حينئذ بقول الأصحاب أن الغسل لا يجزي عن المسح، وما نقلوه من الاجماع عليه الغسل الذي لا يتحقق معه مسمى المسح كجريان الماء بنفسه مثلا، أو ما كان مع إمرار اليد وكان المقصود الغسل، وأما إذا تحقق مسمى المسح كما إذا أمر يده وكان الماء قليلا اجتزى به وإن حصل معه الجريان الذي هو مسمى الغسل، إذ لا شك في صدق المسح حينئذ، ولا ينافيه صدق اسم الغسل الغير القصود معه، بل ربما يظهر من بعضهم دعوى كون ذلك ليس غسلا وإن حصل الجريان، والاكتفاء به في مثل الوجه واليدين من دليل خارجي لا لصدق الغسل لكن المعروف بينهم الوجه الأول أي أنه لا ينافي صدق اسم المسح صدق اسم الغسل، ويكون التقابل في الآية حينئذ باعتبار صورتي الافتراق والتنافي بالنية والقصد، ويراد برواية ابن مروان التعريض بالعامة الذين يكتفون بالغسل الذي لا مسح معه عن المسح، على أنه ضعيف السند، بل قد يؤيده مضافا إلى الصدق المتقدم أنه لو وجب المسح ببلة الضوء بشرط عدم تحقق جريان ولو ضعيفا لكان فيه من الحرج والضيق المنافيين لسهولة الملة ما لا يخفى، بل السكوت في مقام التعليم المستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة مع غلبة تحقق الجريان في البلة الباقية في اليد مما
(١٩٩)