لعدم دخوله في مسمى الوجه، أو لخروجه عن التحديد كما هو المفروض، فما ينقل عن بعض العامة من وجوب غسله زاعما أنه من الوجه لبعض الاستعمالات الغير المطردة في غاية الضعف، مع ما في المدارك عن أكثر العامة من القول بعدم الوجوب أيضا، أما ما دخل منه في حد الوجه فالظاهر أن وجوب غسله إجماعي كما في شرح الدروس، بل يظهر من بعضهم عدم دخوله تحت اسم المسترسل، كآخر الاستدلال عليه بصدق اسم الوجه عليه، لكن فيه من الضعف ما لا يخفى، كالاستدلال بشمول التحديد له إذ التحديد لما كان من الوجه.
فالأولى في الاستدلال عليه ما ستسمعه (1) من الأخبار الدالة على سقوط وجوب غسل البشرة كقوله (عليه السلام) (2): " كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه، ولكن يجري عليه الماء " فإن الظاهر رجوع الضمير المجرور إلى الشعر فيفيد إيجاب إجراء الماء على الشعر المحيط بدلا عن البشرة فيؤخذ على ذلك الحد قبل نبات الشعر، وبمعناه أنه لو حدد بالابهام والوسطى بعد نباته فكل ما دخل تحتهما من الشعر وجب غسله، نعم يشكل هذا بأنه لو نقص عن الحد الأول قبل نبات الشعر كما إذا كان الشعر كثيفا جدا لم يقتصر عليه، فالأولى مراعاة التحديد قبل نباته، لكن الظاهر أن الواجب غسل الظاهر من الشعر، ولا يجب التبطين، لقول أحدهما (عليهما السلام) في خبر محمد بن مسلم (3) قال: سألته " عن الرجل يتوضأ أيبطن لحيته؟
قال: لا " وفي بعضها (4) (إنما عليك أن تغسل ما ظهر) وللوضوءات البيانية، إذ لا يخفى على من لاحظها ظهورها بل صراحتها في عدم ذلك، ففي الحقيقة حينئذ كما يكون الشعر بدلا عن البشرة يكون بدلا عن بعضه لكونه محيطا به أيضا، فتأمل.