لا سعة له كما هو واضح، وحمل اللفظ على إرادة معنى آخر ليس بأولى مما ذكرنا من إرادة الإحاطة ثم الجريان حتى ينتهيا إلى الذقن، بل ذلك أولى من وجوه.
بل يحتمل أن يراد بالإرادة نفس الجريان، وسمي مثل ذلك إدارة لأنه يحصل منه شبه دائرة، وبه يظهر وجه قوله (عليه السلام): (مستديرا) إذ هو حال إما من لفظ (ما) أو من الضمير المجرور بحرف الاستعلاء، ولا فساد في شئ من ذلك، لكنه يكون حينئذ ذكر الأصحاب للحد الطولي ليس لتضمن الرواية صريحا له، بل هو لازم للمعنى الذي ذكرناه، مع أنه يمكن أن يجعل الأول للحد الطولي على حمل (دارت) على معنى اشتملت وأحاطت، ويكون قوله (عليه السلام): (وما جرت) بيانا للحد العرضي، ولا ضير فيه، ولولا مخافة إطالة الكلام لأطنبنا الكلام فيما يرد على ما ذكره، وفيما ذكرنا الكفاية، وبه يندفع جميع ما تقدم من الاشكالات، وأما ما ذكره من خروج الصدغ مع دخولهما في تحديد الأصحاب ففيه أولا أن الصدغ المسمى بالفارسية (بزلف) على ما عرفت من تفسيره عند الأصحاب خارج عن التحديد المذكور كما يقضي به الاختبار، بل قد يقال: إنه من جملة منابت الشعر، بل يرشد إلى خروجه اشتمال الرواية المتقدمة عليه، لظهورها في عدم دخوله في التحديد، لا أنه داخل وخرج بقوله (عليه السلام):
(إنه ليس من الوجه) كما هو ظاهر عند التأمل، ومن هنا لم أعثر على قائل بوجوب غسله سوى ما نقله في الذكرى عن أحكام الراوندي على ما قيل، مع احتمال أن يكون مراده بعض الصدغ، بل أكثره على تفسير بعض أهل اللغة بأنه ما بين لحظ العين إلى أصل الأذن.
لكنك قد عرفت أن المعروف بين الأصحاب تفسيره بخلاف ذلك، ولذا قال في التذكرة على ما نقل عنه: الصدغان من الرأس، وفي المنتهى بعد أن عرفه بما تقدم ذكره سابقا أنه لا يجب غسله معللا له ولغيره من النزعتين بأن التكليف بهذا شرعي، ولا شرع يدل على التكليف بها، وفي جامع المقاصد الصدغ الذي يتصل أسفله بالعذار ليس من الوجه قطعا، إلى غير ذلك مما عثرنا عليه من كلمات الأصحاب، فإنها مصرحة