بل الأولى أن يقال: إنه وإن كان وقوع الفعل بنفسه لا يدل على الوجوب التعييني بعد إطلاق الأمر، لكنه قد يستفاد منه ذلك في خصوص المقام، لظهور حكاية الباقر (عليه السلام) له فيه، كظهور نقل زرارة إسدال الماء من أعلى الوجه أنه فهم منه وجوب ذلك، بل الظاهر من الأخبار في المقام مثل قوله (ع) " ألا أحكي لكم وضوء رسول الله) صلى الله عليه وآله " أنه تعريض في العامة من الوضوء المنكوس، بل قد يرشد إلى ذلك خبر علي ابن يقطين المشهور (1) مضافا إلى ما سمعت من قوله (صلى الله عليه وآله): (هذا وضوء لا يقبل الله) إلى آخره ولا يقدح فيها إرسالها، لانجبارها بما سمعت، كما لا يقدح ما في رواية قرب الإسناد بعد الانجبار به أيضا، وبذلك كله يقيد ما يستدل به للمرتضى (رحمه الله) من إطلاق الغسل الواقع في الكتاب والسنة المتحقق بكل منهما، مع احتمال انصرافه إلى المتعارف من الابتداء بالأعلى، لا أقل من الشك في شمول الاطلاق لهذا الفرد ولو لما تقدم أو الشك من جهة تعارض الأدلة، فيبقى الأصل وهو استصحاب بقاء الحدث سالما عن المعارض، فتأمل جيدا، ومن قوله (عليه السلام) في خبر حماد (2): " لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا " الذي فيه من الضعف ما لا يخفى، إذ الكلام في الغسل دون المسح، وحمله على ما يشمل الغسل مجاز لا قرينة عليه، ثم الظاهر من كلام الأصحاب أن مرادهم بالنكس في المقام الذي جعلوه مذهبا للمرتضى ومنعوه هو عدم وجوب الابتداء بالأعلى مثلا، وأما كيفية الغسل هل تجوز منكوسة أولا بمعنى أن القائلين بوجوب الابتداء بالأعلى هل يجوزون النكس في الغسل نفسه بأن يستقبل الشعر فيه مثلا، إما مع الجميع بينه وبين الابتداء بالأعلى في ذلك إن أمكن، أو أنه بعد الابتداء بشئ من الأعلى أو لا يجوزون ذلك؟ وكذلك المرتضى (رحمه الله) ومن تابعه القائلون بجواز النكس هل يريدون الابتداء من الأسفل في مقابلة الابتداء من الأعلى من غير
(١٥٠)