نكس في نفس الغسل أو أنه أعم من ذلك؟ فلا دلالة في شئ من كلامهم عليه ولا تلازم المسألتين، إلا أن الذي يظهر من ملاحظة كلام القائلين بعدم وجوب الابتداء بالأعلى جواز النكس في نفس الغسل، كما يظهر من ملاحظة كلام بعض القائلين بوجوب الابتداء بالأعلى أنه لا يجوز النكس في الغسل ولو بعد الابتداء بالأعلى، ولعل الوضوءات البيانية - مع ما في بعض الأخبار (1) أنه (صلى الله عليه وآله) " أفرغ الماء على ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق " ومعروفية ذلك بين العامة، مع تصريح جملة من قدماء الأصحاب بأنه لا يستقبل الشعر في الغسل، وأنه به افترق عن المسح - يؤيد الثاني، لكن الانصاف أنه لا دليل معتبر على المداقة في ذلك بحيث لا فرق فيه بين القليل والكثير، فلعل الأقوى في النظر عدم البأس في اليسير منه، كما أن الأقوى البطلان فيما كثر منه بحيث صار كغسل العامة، قال في المدارك: " واعلم أن أقصى ما يستفاد من الأخبار وكلام الأصحاب وجوب البدأة بالأعلى أعني صب الماء على أعلى الوجه ثم اتباعه بغسل الباقي، وأما ما تخيله بعض القاصرين من عدم جواز غسل شئ من الأسفل قبل غسل الأعلى وإن لم يكن في سمته فهو من الخرافات الباردة والأوهام الفاسدة " انتهى، واستجوده بعض من تأخر عنه.
قلت: وحاصل الاحتمالات في المسألة أربعة (الأول) وجوب الابتداء بالأعلى خاصة ولو كان يسيرا كأن يكون بل إصبعه وغسل شيئا من أعلى جبهته، ولا ترتيب في الباقي. (الثاني) ما ذكره عن بعض القاصرين وهو وجوب غسل الأعلى فالأعلى وإن لم يكن مسامتا، وعن الشهيد الثاني في شرح الرسالة أنه وجه وجيه، (الثالث) وجوب غسل الأعلى فالأعلى في خصوص المسامت، فلا يجوز غسل الأسفل قبل الأعلى المسامت له، ولعل ما ينقل من العلامة في مسألة من أغفل لمعة يحتمله وسابقه، قال بعد أن نقل عن ابن الجنيد التفصيل بأنه إن كانت دون الدرهم بلها وصلى ما صورته: " ولا