أوجب غسل جميع ذلك العضو، بل من المواضع المتروك إلى آخره إن أوجبنا الابتداء من موضع بعينه، والموضع خاصة إن سوغنا النكس " انتهى. (الرابع) أن يراد غسل الأعلى فالأعلى لكن لا على التحقيق لتعسره أو تعذره، فلا تقدح المخالفة اليسيرة التي لا يخرج بالعرف فيها عن ذلك، وهو ظاهر المنقول عن الشهيد الثاني في شرح الرسالة واختاره بعض أصحابنا المتأخرين. أما (الأول) فهو وإن كان يقتضيه كلام كثير من المتأخرين لكن المستفاد من أخبار الوضوءات البيانية خلافه وخلاف المحكي من وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأما (الثاني) فلا ريب في فساده لما فيه من العسر والحرج، بل التعذر، بل ملاحظة الأخبار تشرف الفقيه على القطع بعدمه، لما فيها من سهولة غسل الوضوء، منها الصحيح أو الحسن (1) المتضمن لحكاية وضوء رسول الله (صلى الله على وآله) " أنه غرف ملأ كفه فوضعها على جبينه ثم قال بسم الله وسدله على أطراف لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة فإنه كالصريح في عدم ذلك، ومثله آخر (2) " أخذ كفا من ماء فأسدله على وجهه ثم مسح وجهه من الجانبين جميعا " فإن مسح وجهه من الجانبين بعد الاسدال الأول كالصريح في بطلان تلك الدعوى إلى غير ذلك، ويقرب من هذا الاحتمال في العسر والحرج وغيرهما الاحتمال (الثالث) وهو وجوب غسل الأعلى فالأعلى مسامتا، بل وكذا الوضوءات البيانية تشرف الفقيه على القطع بعدمه أيضا، على أنك قد عرفت أن العمدة في وجوب البدأة بالأعلى انجبار تلك الأخبار بالشهرة، وهي غير معلومة في المقام، بل معلمة العدم، ومن هنا ينقدح قوة الوجه الأول لولا ما يظهر من ملاحظة الوضوءات البيانية خلافه، ولعل الوجه (الرابع) أو قريبا منه أقرب الاحتمالات حينئذ إليها، وأقرب منه ما في أيدي الناس الآن من كيفية الوضوء، فإنها كلها من الكيفيات المحفوظة عنهم (عليهم السلام) وأما
(١٥٢)