يظهر من ابن إدريس من أن العمدة في ذلك الاجماع، لكنك خبير أنه بناء على أن منشأ الاجزاء هو كون المراد من غسل الجمعة مثلا حصول الغسل ولو في ضمن الواجب كالصوم في الأيام البيض، أو أنه إطلاق قوله (عليه السلام): (إذا اجتمعت) إلى آخره ونحوه يتجه عدم الفرق بين غسل الجنابة وغيره، بل يؤيده قوله (عليه السلام) في آخر الرواية: (وكذلك المرأة يجزيها) إلى آخره. فيحمل قوله (عليه السلام) (للجنابة) على المثال، هذا. إلا أنك قد عرفت أن الأقوى أنه لا تداخل مع عدم النية.
المقام الثالث أن ينوي غسل الجمعة من غير تعرض للجنابة، قيل لا يجزي عن الجنابة ولا عن الجمعة، وقيل يجزي عنهما، وقيل يجزي عن الجمعة دون الجنابة، وهو الأقوى، أما إجزاؤه عن الجمعة فلأن الأمر يقتضي الاجزاء لصدق الامتثال، وما يقال: إن المقصود منه التنظيف، وهو لا يحصل مع بقاء الحدث في غاية الضعف، إذ هي دعوى عارية عن الدليل، بل قد يظهر من مشروعية غسل الاحرام للحائض خلافها، وأما عدم إجزائه عن الجنابة فلعدم نيته كما عرفت في سائر أنواع التداخل، والتمسك باطلاق الأدلة أو بأن المراد من غسل الجنابة غسل هذه الأعضاء على وجه القربة بعد حدث الجنابة وإن كان في ضمن المستحب فيه من الضعف ما لا يخفى كما ظهر لك من المباحث السابقة.
نعم قد يستدل بما ينقل عن الفقيه (4) أنه روى في أبواب الصوم " من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة، فإنه يقضي صلاته وصومه إلى ذلك اليوم، ولا يقضي ما بعد ذلك " مع أنه ذكر في أول كتابه أنه إنما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة فيما بينه وبين ربه عز وجل، لكن فيه أن الخروج بمجرد هذه