إفرادها بالنية مع كونها بعض العمل كوقوع النية عند غسل الوجه وهو وسط العمل حقيقة لا أوله لا يخلو من تأمل ونظر، لكن ذلك كله موقوف على ثبوت جزئية غسل اليدين من الوضوء. ولم يثبت بل لعل ظاهر الأدلة يقضي بخلافه، ونفي الخلاف عن كونه من سنن الوضوء أعم من الجزئية، واحتمال الاكتفاء بذلك وإن يثبت الجزئية لا وجه له، وإلا لجاز التقديم عند غير ذلك من مستحبات الوضوء كالسواك والتسمية مع أنه غير جائز كما نص عليه جماعة، بل في الروض الاجماع عليه، ولذلك كله خص ابن إدريس في ظاهره جواز التقديم هنا عند المضمضة والاستنشاق كما عن الغنية، بخلاف غسل الجنابة فجوز التقديم عندهما، وهو حسن، لكن اعترضه بعض بأن الفرق بين الوضوء والغسل تحكم، وآخر بعدم ثبوت جزئية المضمضة والاستنشاق أيضا.
وقد يدفع الأول بملاحظة أخبار الغسل (1) فإنها ظاهرة في كون غسل اليدين جزء مستحبا لمكان ذكره في كيفية الغسل بخلافه هنا، وكذا الثاني بملاحظة أخبار المضمضة والاستنشاق (2) فإنه وإن اشتمل جملة منها على كونهما ليسا من الوضوء لكن ذلك محمول فيها على واجباته جمعا بينها وبين ما دل على كونهما من الوضوء. فظهر أن قول ابن إدريس هو الأقوى في النظر، وبذلك كله تعرف ضعف ما ينقل عن ابن طاووس من التوقف في التقديم، نظرا إلى أن مسمى الوضوء الحقيقي غيرهما، وللقطع بالصحة إذا قارن عند غسل الوجه، وهما كما ترى سيما الثاني، إذ القطع لا يمنع الاكتفاء بالغير مع الظن من الأدلة الشرعية.
وكيف كان فبناء على جواز التقديم عند غسل اليدين ينبغي الاقتصار على الغسل المستحب للوضوء، كما إذا توضأ من حدث البول أو الغائط أو النوم واغترف من إناء لا يسع كرا ونحو ذلك على ما ستعرف إن شاء الله تعالى، فلا يجوز عند الغسل المباح،