هذه الرواية، فعملهما بها أقوى قرينة على قيام قاطع لهما على العمل بها من إجماع أو غيره، وأيهما كان كفى.
مع أن ظاهر الأول نفي الخلاف عنها بين أصحابنا، حيث قال بعد ذكر هذا الحكم: وأحكام أخر بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك كله (1)، ومع ذلك مروية في الفقيه (2) بطريقه إلى السكوني، وهو قوي، ومعتضدة بالمرسل وغيره: في رجل قتل مملوكه أنه يضرب ضربا وجيعا ويؤخذ منه قيمته لبيت المال (3) بحملها على الأخذ، للتصدق إجماعا، وجمعا.
هذا، مع أن الضعف بسهل سهل، والتضمن للحبس سنة غير قادح، إما لعدم استلزام خروج بعض الرواية عن الحجية خروجها عنها كملا، أو لأن الحبس قدر رآه (عليه السلام) مصلحة فيكون تتمة لتعزيره، كما جعله الضرب مائة.
ولعله لهذا لم يقدح بهذا في الرواية أحد من أصحابنا، عدا بعض متأخري المتأخرين (4)، وهو لما عرفت ضعيف، كضعف ما قدح به فيها أيضا من عدم ظهورها في القتل عمدا، بل ظاهرها أنه قصد الضرب خاصة.
وهو غريب جدا، فإن مضمونها صريح في ضربه حتى مات، ولفظة «حتى» كالصريحة في القتل عمدا.
ولئن سلمنا فمثل هذا الضرب مما يقتل غالبا، بل قطعا، فيكون قتلا عمدا ولو لم يكن للقتل قاصدا، كما مضى.
وخلو الروايات البيانية عن ذلك غايته الظهور في نفيه، وهو لا يعارض الروايات الصريحة بإثباته، بل هي بالنسبة إليه كالعام بالنسبة إلى الخاص مقدم عليه قطعا، والتكافؤ المشترط في التقدم حاصل بما عرفت من فتوى