ولا فرق في جميع ذلك بين جنايته على الجميع دفعة أو على التعاقب، لكن في الأول لم يكن أحد الأولياء أولى من الآخر، حتى لو بادر أحدهم بالقرعة أو مطلقا لم يكن آثما بل مستوفيا حقه، لأن له نفسا كاملة.
وفي استحقاق الباقين حينئذ الدية وجهان، من أن الواجب في العمد القصاص وقد فات محله، ومن استلزامه أن يطل دم امرئ مسلم فينتقل إلى بدلها وهو الدية إن لم يكن الواجب ابتداء أحد الأمرين.
والأول: مختار الشيخ (1)، وهو الأوفق بالأصل.
والثاني: مختار شيخنا الشهيد الثاني (2) وغيره، وفي الثاني يقدم السابق في الاستيفاء، لاستحقاقه القصاص منفردا من غير معارض قبل تعلق حق الباقين، فيقضي له بحكم الاستصحاب.
وفي أخذ الدية للباقين الوجهان المتقدمان.
ويحتمل مساواتهم، فلا يحكم للسابق كالسابق، لأن السبب الموجب لاستحقاق القصاص هو قتل النفس المكافئة عمدا ظلما، وهو متحقق في الجميع، فيستوون فيه، ويقدم أحدهم بالقرعة، أو يجتمعون على الاستيفاء.
وعلى كل تقدير، فإن بادر أحدهم واستوفى وقع موقعه، لأن له نفسا مكافئة فقد استوفى تمام حقه من غير زيادة، وإن أساء حيث لا يكون هو السابق على القول بتقديمه أو لم نقل بالتخيير. ويبقى الإشكال في سقوط حق الباقين من حيث فوات محل القصاص، أو الانتقال إلى الدية.
(الرابعة: إذا ضرب الولي الجاني وتركه ظنا منه أنه مات فبرئ ففي رواية) أنه (يقتص) بمثل ذلك الضرب (من الولي ثم يقتله الولي أو يتتاركا) أي يترك كل واحد الآخر ويتجاوز عنه.