بعضها بل أكثرها من تنبيهات المسألة وكونها من ثمراتها أشبه.
مثلا ذكر منها أن النزاع إنما هو في محل وموضع تكون المصلحة والمفسدة غير قاصرتين لشمولهما للمجمع بمعنى عدم قصور مقتضى الأمر والنهي عن شمول المجمع.
وفيه: أنه لا دخل له لمحل النزاع في شئ فإنه في الامكان وعدمه عقلا، فالقائلون بالامتناع يقولون بعدم الجواز بحيث لو وقع في الشرع مورد يوهم ذلك لوجب تقييد أحدهما بالآخر، بخلاف القائلين بالجواز فإنهم يحملونه على ظاهره، فما ذكره إنما هو في الثمرة التي يترتب على محل النزاع لا أن له دخلا فيه، فتأمل جيدا.
وربما بني النزاع على القول بتعلق الامر بالطبيعة فيجوز أن يجري النزاع في جوازه وعدمه على وجه، أو يقال بناء عليه: لا نزاع في جواز الاجتماع، وأما بناء على تعلقه بالفرد فلا يجري النزاع.
ولا يخفى أن هذا المبنى صحيح بالنسبة إلى الثاني، لان الفرد متشخص موجود في الخارج وليس له جهتان يتعلق الامر باعتبار إحداهما، والنهي باعتبار الأخرى.
فتوهم أنه لا فرق أيضا حينئذ في جريان النزاع لامكانه في أن هذا الفرد المتحقق في الخارج الذي تصدق عليه الطبيعتان إحداهما مأمور بها وثانيهما منهي عنها مدفوع بأن معنى تعلق الامر أو النهي بالافراد أنهما بتمام مشخصاتها متعلقة للامر، فإذا كان متعلقا لأحدهما كذلك فيمتنع أن يتعلق به الاخر كذلك.
فانقدح بما ذكرنا أن محل النزاع هو ما قلناه من أنه هل يلزم في تعلق الامر بشئ والنهي عن شئ أن يكون متعلقاهما متباينين أم لا؟
إذا عرفت هذا فاعلم أن عمدة ما استند إليه القائلون بالامتناع هو لزوم اجتماع الضدين في موضوع واحد، ومرادهم من الضدين هو الوجوب والحرمة