ثبوت القدرة على الامتثال...).
وفيه.. أولا: أن ذلك كما أشار إليه في آخر كلامه مبنى على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها، ولا يتم بناء على عدم تبعيتها للمصالح والمفاسد مطلقا، أو على تبعيتها للمصالح في أنفسها، لا في متعلقاتها، مع أن الظاهر عدم ابتناء تضاد الاحكام على شئ من ذلك، بل هو ثابت مطلقا، كما أنه مسلم عند الكل حتى من لم يقل بابتنائها على ذلك.
وثانيا: أن هذا مختص بالأحكام الصادرة من المولى الحكيم الذي تبتنى أحكامه على ملاحظة الملاكات، دون أحكام غيره ممن لا يتقيد في أحكامه بذلك، مع أن امتناع صدور الحكمين منه ظاهر، بحيث لو فرض خطابه بالحكمين معا، لحمل على عدم القصد لأحدهما، أو العدول عنه ونسخه بالآخر، أو لغوية خطابه، بحيث لا ينتزع منه الحكم، ولا ينتزع منه بنظر العقلاء الحكمان معا وثالثا: أن مقتضى الوجوب مثلا هو المصلحة الملزمة، والمفسدة الملزمة من سنخ المانع من تأثير المقتضى، كما أن مقتضى الحرمة هو المفسد ة الملزمة والمصلحة من سنخ المانع وحيث لا يراد بملاك الحكم المقتضى وحده، بل مع عدم المانع لزم امتناع الاجتماع حتى مع تعدد الموضوع إذا فرض امتناع امتثال الحكمين خارجا، لان ذلك يكفي في التمانع بين المقتضيين المستلزم لعدم تمامية ملاكي الحكمين معا، بل يكفي في عدم تمامية ملاك الحكم الواحد تعذر امتثاله، لان التعذر من سنخ المانع من فعلية تأثير المقتضى في الحكم، فيكون عدم جعل الحكم لعدم الملاك أيضا.
وبعبارة أخرى: كما يكون اشتمال نفس موضوع المصلحة على المفسد ة المزاحمة مانعا من تأثير المصلحة في الوجوب، كذلك يكون التلازم بين موضوع المصلحة وموضوع المفسد ة، وتعذر موضوع المصلحة وحده مانعين