المحكم في أصول الفقه - آية الله العظمى السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
وهو أمر آخر خارج عن مقتضى الأصل المتقدم، يأتي الكلام فيه في الامر الثالث كما يأتي الكلام في حال الجهتين المذكورتين، ومحل الكلام هنا في ما يقتضيه الأصل والقاعدة الظاهرية بعد الفراغ عما سبق من أن مقتضى الأصل عدم الاجزاء مع مخالفه الحكم الواقعي. ولذا صرح بعضهم بعدم الاجزاء مع العلم الوجداني بالمخالفة، وتقدم أنه المتيقن من محل الكلام.
هذا كله مع أن ما عدا الوجه الأول لو تم لا يختص بتبدل الاجتهاد، بل يجرى في غيره من مورد تبدل مقتضى التعبد في الشبهة الموضوعية والحكمية.
بل لا يبعد ذلك في الوجه الأول أيضا، لعدم الفرق غالبا بين ألسنة أدلة حجية الأدلة التي يبتنى عليها الاجتهاد وألسنة غيرها مما يبتنى عليه التعبد في الموارد الأخرى. بل قد يرجع التعبد الذي يبتنى عليه الاجتهاد في الشبهة الحكمية والتعبد في الشبهة الموضوعية إلى دليل واحد، كما هو الحال في الأصول.
لكن من البعيد جدا بناؤهم على مقتضى الوجوه المتقدمة في غير تبدل الاجتهاد، بل الظاهر مفروغيتهم فيه عن رفع اليد عن الاجزاء الذي هو مقتضى التعبد السابق بالتعبد اللاحق المخالف له وان كانت بعض كلماتهم قد لا تناسبه.
ثم انهم ذكروا عدم الفرق في البناء على الاجزاء اعتمادا على الاجتهاد السابق بين المجتهد نفسه والمقلد، لعموم الوجوه المتقدمة.
والظاهر أن ما سبق منا في وجه المنع عن ذلك كما يجرى في حق المجتهد نفسه يجرى في حق المقلد، سواء عدل مقلده عن فتواه السابقة أم اجتهد هو على خلاف مقتضى تقليده السابق، حيث لا اشكال في عموم حجية الاجتهاد الثاني منه أو من مقلده للوقائع، تبعا لعموم حجية الأدلة التي يبتنى عليها الاجتهاد، كما تقدم.
وأما لو عدل عن تقليد المجتهد إلى تقليد غيره ممن يخالفه في الاجتهاد
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست