إفاضة العوائد - السيد الگلپايگاني - ج ١ - الصفحة ٢٥٨
فان قلت: ما ذكرت إنما يتم في الماهيات المتأصلة التي لها حظ من الوجود في الخارج، كالانسان ونحوه. وأما ما كان من العناوين المنتزعة من الوجودات الخارجية كالصلاة والغصب، فلا يصح فيه ذلك، لان هذه العناوين ليس لها وجود في الخارج، حتى يجرد من الخصوصيات ويجعل موردا للتكاليف، بل اللازم في أمثالها هو القول بان مورد التكاليف الوجود الخارجي الذي يكون منشأ لانتزاع تلك المفاهيم. ولا ريب في وحدة الوجود الخارجي الذي يكون منشأ للانتزاع.
وبعبارة أخرى تعدد العناوين مفهوما لا يجدى، لعدم الحقيقة لها الا في العقل [168] وما يكون موردا للزجر والبعث ليس الا الوجود
____________________
النقاط في الخط الواحد، حيث يمكن الإشارة إلى كل منها. ويمكن اتصاف كل فرد بعرض خارجي غير عرض الاخر، بل نقول ان الجامع موجود مع الخاص بوجود واحد، ولا ميز في الخارج بين الحيثيات، ولا يمكن الإشارة إلى كل منها حسا، ولا يمكن اتصافها بصفات متباينة، إلا أن العقل عند التحليل يدرك أشياء متعددة واقعا، كما يدرك تعدد الجنس والفصل.
ولا يخفى أن التعدد في المقامين واقعي، لكن لا يدركه الا العقل، لا انه اعتباري محض جاء من قبل العقل، ولعل هذا معنى أن الوجود واحد، والحيثيات متعددة، لا أن الحيثيات اعتبارية صرفة. وإذا ثبت التعدد واقعا عند العقل، فلا مانع من تعلق الامر بشئ في الذهن، والنهي بشئ آخر لا اتحاد بينهما في النظر التفصيلي الانحلالي، وان كان الوجود الخارجي لهما واحدا، لان موطنهما - كما مر - هو الذهن لا الخارج.
ثم لا يخفى أيضا عدم صحة قياس إرادة الآمر بإرادة الفاعل، فان الآمر لو اختار المجمع ينجر إلى نقض غرضه، وهو محال. بخلاف المأمور، فإنه يمكن أن يختار المجمع بسوء اختياره. نعم في مقام تعلق الإرادة لا فرق بين الإرادتين، وموطنهما في النظر التفصيلي.
[168] وحاصل الاشكال أن الأمور الانتزاعية ليست كالمتأصلة، بحيث تكون
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست