ثم انه لو فرضنا أن خياطة الثوب مطلوبة للمولى من حيث هي، فهل تجد من نفسك أن تقول لا يمكن للمولى ان يأمره بخياطة الثوب في ذلك المكان، لان أنحاء التصرفات والأكوان المتحققة في ذلك المكان مبغوضة للمولى، ومنها الخياطة، فلا يمكن أن تتعلق ارادته بما يبغضه، وهل ترضى أن تقول ان المولى - بعد عدم وصوله إلى الغرض الذي كان له في ترك الكون في ذلك المكان - يرفع يده من الغرض الآخر من دون مزاحم أصلا؟ وهل يرضى أحد ان يقول إنه في المثال المذكور تكون أنحاء التصرفات في نظر المولى على حد سواء. وبالجملة أظن أن هذا من الوضوح بمكان، بحيث لا ينبغي أن يشتبه على أحد، وان صدر خلافه عن بعض أساتيذ العصر دام بقاه فلا تغفل.
والحاصل أن جهة النهى انما تزاحم جهة الامر إذا أمكن للمكلف بعث المكلف إلى ترك الفعل. وأما إذا لم يمكنه ذلك، لكون الفعل صادرا قهرا من غير اختيار المكلف، فلو وجدت فيه جهة الامر ولم يأمر به، لزم رفع اليد عن مطلوبه وغرضه من دون جهة ومزاحم [171].
____________________
[171] وأيضا يلزم عدم صحة صلاة من وقع في ملك الغير اختيارا، وان لم.