هي بعينها موجودة فيما لو اعتقد حرمة شئ، واتى بمقدماته بقصد التوصل إليه، ولم يكن ذلك الشئ محرما في الواقع، أو اعتقد مقدمية شئ لمحرم، واتى به بقصد التوصل إلى ما اعتقد ترتبه عليه. واعجب من ذلك قياسه بباب مقدمة الواجب، فان ما تحقق هناك أن إتيان ذات المقدمة من دون قصد التوصل إلى ذيها لا يعد طاعة، لا ان موضوع الطلب التبعي هو الفعل المقرون بهذا القصد.
وكيف كان، فالمهم في هذا الباب بيان ان المقدمات الخارجية للحرام هل تتصف بالحرمة، نظير ما قلنا في المقدمات الخارجية للواجب، أم لا تتصف أصلا، أم يجب التفصيل بينها؟
فنقول: إن العناوين المحرمة على ضربين: (أحدهما) أن يكون العنوان بما هو مبغوضا، من دون تقييده بالاختيار وعدمه من حيث المبغوضية، وان كان له دخل في استحقاق العقاب، إذ لا عقاب الاعلى الفعل الصادر عن اختيار الفاعل. (ثانيهما) ان يكون الفعل الصادر عن إرادة واختيار مبغوضا، بحيث لو صدر عن غير اختيار، لم يكن منافيا لغرض المولى، فعلى الأول علة الحرام هي المقدمات الخارجية، من دون مدخلية الإرادة، بل هي علة لوجود علة الحرام. وعلى الثاني تكون الإرادة من اجزاء العلة التامة.
إذا عرفت هذا فنقول: نحن إذا راجعنا وجداننا، نجد الملازمة بين كراهة الشئ وكراهة العلة التامة له، من دون سائر المقدمات، كما إذا راجعنا الوجدان في طرف إرادة الشئ نجد الملازمة بينها وبين إرادة كل واحدة من مقدماته، وليس في هذا الباب دليل أمتن وأسد منه. وما سوى ذلك مما أقاموه غير نقي من المناقشة. وعلى هذا ففي القسم الأول إن كانت العلة التامة مركبة من أمور يتصف المجموع منها بالحرمة، وتكون إحدى المقدمات