و (أما ثانيا) فبان اللازم - على ما ذكره - عدم استحقاق العقاب على ترك واجب أصلا، لرجوع الواجبات بأجمعها إلى الواجب المشروط (بيان ذلك) أن كل واجب لا بدله من مقدمة، ولا أقل من إرادة الفاعل، فحينئذ نقول: إما أن يريد ذلك الفعل في حالتي وجود المقدمة وعدمها، أو في حالة وجودها فقط. والأول مستلزم للتكليف بما لا يطاق، والثاني مستلزم لعدم استحقاق العقاب على ترك واجب من الواجبات، إذ ترك الواجب المشروط بترك شرطه ليس موجبا للعقاب وليت شعري هل ينفعه وجوب المقدمة في دفع هذا الاشكال [136].
____________________
[136] بيان ذلك: ان وجوب المقدمة لا يؤثر في رفع توقف ذي المقدمة عليها، لأنه مستلزم للتكليف بما لا يطاق بالفرض، وحينئذ نقول: ان ترك المأمور المقدمة فلا يستحق العقاب بشئ، أما على ذي المقدمة، فلعدم حصول ما يتوقف عليه، وأما على المقدمة، فلان ترك الواجب الغيري لا يؤثر في العقاب، بل على الفرض لم تكن المقدمة واجبة أصلا، لان وجوبها تابع لوجوب ذي المقدمة، وهو منتف بالفرض، لانتفاء شرطه. وأيضا يستلزم ذلك الاشتراط - مع القول بوجوب تلك المقدمة المتوقف عليها ذوها: - إما التفكيك بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها في الاشتراط والاطلاق، إما كون وجوب الشئ متوقفا على وجوده. وبطلانهما واضح.