إفاضة العوائد - السيد الگلپايگاني - ج ١ - الصفحة ٢١٤
فقد فهم مما ذكرنا أن القول بعدم اتصاف المقدمات الخارجية للحرام بالحرمة - مطلقا لسبق رتبة الصارف، وعدم استناد الترك إلا إليه مطلقا - مما لا وجه له، بل ينبغي التفصيل، لأنه في القسم الأول لو فرض وجود باقي المقدمات مع عدم الإرادة، تحقق المبغوض قطعا، فعدم إحداها علة لعدم المبغوض فعلا. وأما في القسم الثاني، فلو فرضنا وجود باقي المقدمات مع الصارف، لم يتحقق المبغوض، لكونه مقيدا بصدوره عن
____________________
تكون رتبة عدم المقتضى متقدمة على المانع، بل كل واحدة من المقدمات في عرض واحد علة للترك، كما عرفت، فإذا كان الفعل مبغوضا وقلنا في مقدمات المبغوض انها مبغوضة على البدل، كانت الإرادة مع كل واحد من المقدمات منهيا عنها بالنهي التخييري، من غير فرق في ذلك بين ما يكون الاختيار فيه دخيلا وغيره، ولا بين التوليديات وغيرها، مما يكون الاختيار لنفس الفعل بعد المقدمات موجودا أيضا، حيث توهم فيه أيضا عدم اتصاف غير الإرادة بالحرمة، لبقاء الاختيار بعد المقدمات أيضا، فان أريد عدم حرمة المقدمات الخارجية تعيينا، فمعلوم. وان أريد عدم حرمتها تخييرا، فلا وجه له، الا على القول بأن المقدمات لا تتصف بالحرمة إلا ما لا تبقى معه القدرة على الحرام. وقد توهم فيه أيضا تقدم رتبة عدم الإرادة على سائر المقدمات، لشأنية الإرادة لان تكون علة لها في بعض الأوقات، وقد مر بطلانه.
ونقول: في توضيح ذلك زيادة على ما مر: أن الإرادة لو فرض كونها علة تامة في بعض الأوقات لسائر المقدمات، لكن ليست رتبة عدم المعلول متأخرة عن رتبة كل واحدة من العلل الغير المنحصرة، لان العلة في مثل المقام في الحقيقة ليس الا الجامع بين العلل، فتكون رتبة عدم المعلول متأخرة عن رتبة الجامع. ومعلوم أنه لا ينعدم الا بانعدام جميع افراده لا خصوص فرد منه، بخلاف طرف الوجود فإنه يوجد بوجود فرد، فإذا ثبت عدم تأخر رتبة عدم المقدمات عن عدم الإرادة، فلا محيص عن القول بالحرمة التخييرية في المقدمات الخارجية، إلا فيما مثل به صاحب الفصول على زعمه، وإن كان هو في نفسه مخدوشا، كما سيجئ انشاء الله تعالى.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست