المأمور به مع كونه مقدورا، فثبت الأول، فاما أن يحدث استحقاق العقاب في حالة النوم، أو حدث قبل ذلك، لا وجه للأول، لان استحقاق العقاب إنما يكون لفعل القبيح، وفعل النائم والساهي لا يتصف بالحسن والقبح بالاتفاق. ولا وجه للثاني، لان السابق على النوم لم يكن الا ترك المقدمة. والمفروض عدم وجوبها. هذا حاصل ما أفاده (قدس سره) وقد نقلناه ملخصا.
والجواب أنه لا محذور في اختيار كل واحد من الشقين، فلنا أن نختار الشق الأول، وهو استحقاق العقاب في زمان ترك المشي، لا على ترك المشي، بل على ترك الحج المستند إلى ترك المقدمة اختيارا، فان طريقة الإطاعة والمعصية مأخوذة من العقلاء، وهم يحكمون بحسن عقاب العبد التارك للمقدمة في زمن تركها، ولا يلزمون المولى بانتظار زمن الفعل، وليس هذا التزاما بترتب العقاب على ترك المقدمة، بل المقصود اثبات العقاب المترتب على ترك ذيها في زمن ترك المقدمة، وامتناع ذيها اختيارا.
ولنا ان نختار الشق الثاني، فنقول: إن تارك المقدمة مستحق للعقاب في زمان الحج، وقوله (قدس سره) - ان فعل الحج هناك غير مقدور، فلا يمكن اتصافه بالقبح - غير وجيه، لأنا نقول: يكفي في اتصافه بالمقدورية كون المكلف قادرا على اتيان مقدمته في زمانها، فاتصاف مثل هذا الفعل المقدور بواسطة مقدورية مقدماته بالقبح لا مانع له. وأي قبح أعظم من ترك الواجب مع الاقتدار عليه؟
(واما) ما ذكره أخيرا من فرض كون تارك المقدمة نائما في زمن الفعل (فالجواب عنه) أن ما لا يمكن ان يتصف بالحسن والقبح من فعل النائم إنما يكون فيما استند إلى النوم، مثل ما إذا ترك الصلاة مستندا إلى