لكونه غير ملتفت إليه، فكيف يفتي المجتهد في حقه بمؤدي الأصل، والمجتهد وإن كان شاكا إلا أن التكليف غير متوجه إليه على الفرض، فمن توجه إليه التكليف غير شاك في الحكم. ومن شك فيه لم يتوجه إليه التكليف، فلا موضوع للرجوع إلى الأصل العملي.
وأجاب عنه شيخنا الأنصاري (ره) بأن المجتهد نائب عن المقلد في اجراء الأصل، فيكون الشك من المجتهد بمنزلة الشك من المقلد. وفيه انه لا دليل على هذه النيابة، وأدلة الأصول العملية لا عموم لها للشك النيابي.
والتحقيق في الجواب أن كان يقال: إن كان الحكم مما يلتفت إليه المقلد أيضا فيشك فيه كما شك فيه المجتهد، كما إذا شك في طهارة الماء القليل المتنجس المتمم كرا ونجاسته، فللمجتهد أن يجري الاستصحاب بلحاظ يقين المقلد وشكه فإنه كان متيقنا بنجاسة الماء قبل التتميم وشك في بقائها بعده، فيجري الاستصحاب ويفتي بمؤداه، ويرجع المقلد إليه من باب رجوع الجاهل إلى العالم، إذ لا اختصاص لوجوب رجوع الجاهل إلى العالم بما إذا كان علم العام مستندا إلى العلم الوجداني أو الامارة.
وإن كان الحكم مما لا يلتفت إليه المقلد، كما إذا لم يكن فعليا في حقه وموردا لابتلائه إلى الآن، فلابد للمجتهد أن يجري الاستصحاب بلحاظ يقينه وشكه، لكونه متيقنا بالحكم في حق مقلده شاكا في بقائه على ما تقدم وكذا الحال فيما إذا كان الشك موردا للاحتياط، كما في موارد العلم الاجمالي بالتكليف فيفتي بوجوب الاحتياط، بمقتضى علمه الاجمالي، وكذا عند دوران الأمر بين المحذورين يفتي بالتخيير، ويرجع المقلد إليه في جميع ذلك من باب