الغير، والشارع له الولاية على الأموال والأنفس، بل هو المالك الحقيقي، وقد حكم بجواز التصرف في بعض الموارد، مع العلم التفصيلي بكونه مال الغير، كما في حق المارة، وحكم الشارع بتنصيف الدرهم إما ان يكون من باب الصلح القهري، بمعنى ان الشارع ملك نصف الدرهم لغير مالكه حسما لمادة النزاع بمقتضى ولايته على الأموال والأنفس، فيدخل أحد النصفين في ملك الغير بالتعبد الشرعي، فلا مخالفة للعلم الاجمالي، ولا للعلم التفصيلي. ولا بأس بتصرف شخص ثالث في مجموع النصفين باشتراء الجارية بهما، إذ قد انتقل إليه كل من النصفين من مالكه الواقعي، فلا تكون هناك مخالفة للعلم التفصيلي. وإما أن يكون من باب قاعدة العدل والانصاف التي هي من القواعد العقلائية، وقد أمضاها الشارع في جملة من الموارد، كما إذا تداعى شخصان في مال، وكان تحت يدهما، أو أقام كل واحد منهما البينة، أو لم يتمكنا من البينة وحلفا أو نكلا، فيحكم بتنصيف المال بينهما في جميع هذه الصور، وهذه القاعدة مبنية على تقديم الموافقة القطعية - في الجملة مع المخالفة القطعية كذلك - على الموافقة الاحتمالية في تمام المال، فإنه لو أعطي تمام المال - في هذه الموارد - لأحدهما للقرعة مثلا، احتمل وصول تمام المال إلى مالكه، ويحتمل عدم وصول شئ منه إليه، بخلاف التنصيف، فإنه عليه يعلم وصول بعض المال إلى مالكه جزما، ولا يصل إليه بعضه الآخر كذلك، فيكون التنصيف مقدمة لوصول بعض المال إلى مالكه، ويكون من قبيل صرف مقدار من المال مقدمة لإيصاله إلى مالكه الغائب حسبة، إلا أنه من باب المقدمة الوجودية. والمقام من باب المقدمة العلمية. وعلى هذا يكون أحدهما مالكا للنصف واقعا، والآخر مالكا للنصف الآخر ظاهرا، فان قلنا بكفاية الملكية الظاهرية في جواز تصرف الغير ممن انتقل إليه مجموع النصفين، فلا بأس بالتصرف في المجموع واشتراء الجارية به، وإن لم نقل بها - كما هو الظاهر - فنلتزم بعدم
(٦٢)