ومع ذلك صح اتصافه بالعجز عنه، فيقال ان الانسان عاجز عن الطيران، وليس ذلك إلا لكفاية القابلية في الجملة، وان الانسان قابل للاتصاف بالقدرة في الجملة، وبالنسبة إلى بعض الأشياء. وإن لم يكن قابلا للاتصاف بالقدرة على خصوص الطيران، وكذا الانسان غير متصف بالعلم بذات الواجب تعالى، مع أنه متصف بالجهل به، وليس ذلك إلا لأجل كفاية القابلة في الجملة، فان الانسان قابل للاتصاف بالعلم بالنسبة إلى بعض الأشياء، وإن كان غير قابل للاتصاف بالعلم بذاته تعالى وتقدس. وعليه باستحالة التقييد بشئ تستلزم ضرورية العلم له، فاستحالة تقييد الحكم بقيد تقتضي ضرورية الاطلاق أو التقييد بضده، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في بحث التعبدي والتوصلي. ففي المقام حيث أن تقييد الحكم بالعلم به مستحيل لما عرفت من استلزامه الدور، وتقييد بالجهل به أيضا محال، لعين ذلك المحذور، فيكون مطلقا بالنسبة إلى العلم والجهل لا محالة في الجعل الأولي، بلا حاجة إلى متمم الجعل. وإذا كان كذلك وقطع به المكلف يستحيل منعه عن العمل تقطعه، لاستلزامه اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا، ومطلقا في صورة الإصابة.
وقد ظهر بما ذكرناه فساد ما ذكره من صحة اخذ القطع بالحكم في موضوعه شرطا أو مانعا بتتميم الجعل، لأنه متوقف على كون الجعل الأولي بنحو الاهمال. وقد عرفت كونه بنحو الاطلاق.
وأما ما ذكره من أن العلم مأخوذ في الحكم في موارد الجهر والاخفات والقصر والتمام، ففيه ان الامر ليس كذلك، إذ غاية ما يستفاد من الأدلة هو إجزاء أحد هما عن الآخر، واجزاء التمام عن القصر عند الجهل بالحكم، لا اختصاص الحكم بالعالم، فان اجتزاء الشارع - في مقام الامتثال بالجهر في موضع الاخفات أو العكس - لا يدل على اختصاص الحكم بالعالم. ويدل عليه ان العنوان المذكور