فله أن يجعل موضوع حكمه نوعا خاصا من القطع، وهو القطع الحاصل من الأسباب المتعارفة العادية، إلا أنه لا اثر في ذلك، إذ القاطع وان كان ملتفتا إلى حاله في الجملة، وأن قطعه قد يحصل من سبب غير عادي، إلا أنه لا يحتمل ذلك في كل قطع بخصوصه، لأن القاطع بشئ يرى أن قطعه حصل من سبب ينبغي حصوله منه، ويخطئ غيره في عدم حصول القطع له من ذلك السبب، فلا اثر للمنع عن العمل بالقطع الحاصل من سبب غير عادي بالنسبة إلى القطاع.
الكلام في امكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنة، ويقع الكلام (تارة) في الصغرى وحصول القطع بالحكم الشرعي من المقدمات العقلية. و (أخرى) في الكبرى وحجية القطع بالحكم الشرعي الحاصل من المقدمات العقلية.
ذكر صاحب الكفاية (ره) انه وإن نسب إلى بعض الأخباريين منع الكبرى وأنه لا اعتبار بالقطع الحاصل من المقدمات العقلية، إلا ان مراجعة كلماتهم تشهد بكذب هذه النسبة، وانهم في مقام المنع عن الصغرى، فان بعضهم في مقام منع الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. واستشهد في ذلك بما حكي عن السيد الصدر (ره) في باب الملازمة، وبعضهم في مقام بيان عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية، لأنها لا تفيد إلا الظن. واستشهد لذلك بكلام المحدث الاسترآبادي (ره). ومن الواضح ان كلا الكلامين راجع إلى منع الصغرى وعدم حصول القطع من المقدمات العقلية (انتهى ملخصا).
وما نقله عن المحدثين المذكورين وان كان راجعا إلى منع الصغرى، كما ذكره، إلا ان كلام جملة منهم صريح في منع الكبرى، وانه لا يجوز العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنة، فراجع رسائل شيخنا الأعظم