التنزيليين للواقع، وليس ذلك الا من جهة انه لا يترتب على جريان الأصلين إلا المخالفة الالتزامية، وهي غير مانعة عن جريانهما.
هذا فيما إذا كانت الأصول مثبتة للتكليف على خلاف المعلوم بالاجمال.
واما ان كانت نافية له، كما إذا علمنا بطروء النجاسة على أحد المائعين المعلوم طهارتهما سابقا، فعدم جريان الاستصحاب فيهما معا انما هو للمانع المتقدم من استلزامه الترخيص في المعصية، وبذلك ظهر ان أدلة الأصول لو فرض شمولها لأطراف العلم الاجمالي لزم تخصيصها عقلا بغير ما استلزم الترخيص في المعصية.
المقام الثاني في امكان جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف وعدمه.
والمعروف بينهم امكان ذلك في نفسه، وانه لا مانع منه بحسب مقام الثبوت.
ولذا قالوا ان العلم الاجمالي ليس علة تامة لوجوب الموافقة القطعية. وذهب صاحب الكفاية وبعض الأساطين من تلامذته إلى استحالة ذلك وذكرا في وجه ذلك أمرين:
(الأول) - ما أفاده صاحب الكفاية (ره) وملخصه - بعد دعوى الملازمة بين جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف وجعله في جميع الأطراف امكانا وامتناعا - انه لا فرق بين العلم الاجمالي والتفصيلي في انكشاف الواقع بها انما الفرق بينهما من ناحية المعلوم لا من ناحية العلم والانكشاف، فان كان الحكم المعلوم بالاجمال فعليا من جميع الجهات امتنع جعل الحكم الظاهري على خلافه في تمام الأطراف أو في بعضها، ضرورة استحالة الترخيص ولو احتمالا في مخالفة التكليف الفعلي المنجز وان لم يكن الحكم الواقعي المعلوم بالاجمال فعليا من تمام الجهات، فلا مانع من جعل الحكم الظاهري على خلافه في بعض الأطراف أو في جميعها، فتلخص انه فيما أمكن جعل الحكم الظاهري في بعض الأطراف لعدم فعلية الحكم الواقعي من جميع الجهات أمكن جعل الحكم الظاهري في جميع الأطراف