للترخيص في المعصية ومخالفة التكليف الواصل صغرى وكبرى. وهو قبيح عقلا من غير فرق بين ان يكون الحكم الظاهري ثابتا بالامارة أو بالأصل التنزيلي أو بالأصل غير التنزيلي، لأن التمييز غير مأخوذ في موضوعات التكاليف. ولا فرق في حكم العقل بقبح الترخيص في مخالفة التكليف الواصل بين أن يكون معلوما تفصيلا أو يكون معلوما بالاجمال. وهذا الوجه وان كان صحيحا، إلا أنه مختص بموارد العلم الاجمالي بالتكليف، مع كون الحكم الظاهري في جميع الأطراف نافيا، ففي مثل هذا الفرض يستحيل شمول أدلة الأصول لجميع أطراف العلم الاجمالي.
(لا يقال) إن مورد جريان الأصل انما هو كل واحد من الأطراف بخصوصه، وثبوت التكليف فيه غير معلوم، فليس فيه ترخيص في المعصية.
(لأنا تقول) جريان الأصل - في كل طرف بخصوصه منضما إلى الترخيص في بقية الأطراف، كما هو محل الكلام فعلا - يكون ترخيصا في مخالفة التكليف الواصل. وأما جعل الحكم الظاهري في كل من الأطراف مقيدا بعدم ارتكاب الطرف الآخر، فسيأتي الكلام فيه قريبا إن شاء الله تعالى.
(ثانيهما) - مناقضة الحكم الظاهري الناظر إلى الواقع مع العلم الوجداني وهذا الوجه غير مختص بما إذا كان المعلوم بالاجمال إلزاميا. نعم يختص بما إذا كان الحكم الظاهري ثابتا بالامارة أو بالأصل التنزيلي، فيمتنع جعله في جميع الأطراف لزم منه المخالفة العملية أم لم يلزم.
هذا والذي ينبغي ان يقال في المقام هو انه لو قامت الامارة في كل من الأطراف على خلاف المعلوم بالاجمال كما إذا علمنا بنجاسة أحد المائعين وقامت البينة على طهارة أحدهما المعين، وقامت بينة أخرى على طهارة الآخر، فلا ريب في عدم حجية شئ من الامارتين، فان ما دل على طهارة أحدهما المعين قد دل