مرتضى حاصل عند كونه مرتضى بحسب إيمانه وجب دخوله تحت الاستثناء وخروجه عن المستثنى منه، ومتى كان كذلك ثبت أنه من أهل الشفاعة، وأما السؤال الثاني: فجوابه أن حمل الآية على أن يكون معناها ولا يشفعون إلا لمن ارتضاه الله أولى من حملها على أن المراد ولا يشفعون إلا لمن ارتضى الله بشفاعته، لان على التقدير الأول تفيج الآية الترغيب والتحريض على طلب مرضاة الله عز وجل والاحتراز عن معاصيه، وعلى التقدير الثاني لا تفيد الآية ذلك ولا شك أن تفسير كلام الله تعالى بما كان أكثر فائدة أولى، وخامسها: قوله تعالى في صفة الكفار (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) خصهم بذلك فوجب أن يكون حال المسلم بخلافه بناء على مسالة دليل الخطاب، وسادسها: قوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) دلت الآية على أنه تعالى أمر محمدا بأن يستغفر لكل المؤمنين والمؤمنات وقد بينا في تفسير قوله تعالى (الذين يؤمنون بالغيب) أن صاحب الكبيرة مؤمن، وإذا كان كذلك ثبت أن محمدا صلى الله عليه وسلم استغفر لهم، وإذا كان كذلك ثبت أن الله تعالى قد غفر لهم وإلا لكان الله تعالى قد أمره بالدعاء ليرد دعاه فيصير ذلك محض التحقير والإيذاء وهو غير لائق بالله تعالى ولا بمحمد صلى الله عليه وسلم فدل على أن الله تعالى لما أمر محمدا بالاستغفار لكل العصاة فقد استجاب دعاه، وذلك إنما يتم لو غفر لهم ولا معنى للشفاعة إلا هذا، وسابعها: قوله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو بأن يردوها، ثم أمرنا بتحية محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) والصلاة من الله رحمة ولا شك أن هذا تحية. فلما طلبنا من الله الرحمة لمحمد عليه الصلاة والسلام وجب بمقتضى قوله (فحيوا بأحسن منها أو ردوها) أن يفعل محمد مثله وهو أن يطلب لكل المسلمين الرحمة من الله تعالى. وهذا هو معنى الشفاعة في الكل وهو المطلوب. وثامنها: قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاء, ك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وليس في الآية ذكر التوبة، والآية تدل على أن الرسول متى استغفر للعصاة والظالمين فإن الله يغفر لهم، وهذا يدل على أن شفاعة الرسول في حق أهل الكبائر مقبولة في الدنيا، فوجب أن صلى الله عليه وسلم فتأثيرها إما أن يكون في زيادة المنافع أو في إسقاط المضار والأول باطل وإلا لكنا شافعين للرسول عليه الصلاة والسلام إذا طلبنا من الله تعالى أن يزيد في فضله عند ما نقول: اللهم صل على محمد وعلى أل محمد. وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني وهو المطلوب، فان قيل: إنما لا يطلق علينا كوننا شافعين لمحمد صلى الله عليه وسلم لوجهين، الأول: أن
(٦١)