أمة جابرة وكلتاهما من قوم موسى فهذا هو السبب في ذكر هذه الكلمة في سورة الأعراف، وأما في سورة البقرة فإنه لم يذكر في الآيات التي قبل قوله: * (فبدل الذين ظلموا) * تمييزا وتخصيصا حتى يلزم في آخر القصة ذكر ذلك التخصيص فظهر الفرق.
السؤال التاسع: لم قال في البقرة: * (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا) * وقال في الأعراف: * (فأرسلنا) * الجواب: الإنزال يفيد حدوثه في أول الأمر والإرسال يفيد تسلطه عليهم واستئصاله لهم بالكلية، وذلك إنما يحدث بالآخرة.
السؤال العاشر: لم قال في البقرة: * (بما كانوا يفسقون) * وفي الأعراف: * (بما كانوا يظلمون) *، الجواب: أنه تعالى لما بين في سورة البقرة كون ذلك الظلم فسقا اكتفى بلفظ الظلم في سورة الأعراف لأجل ما تقدم من البيان في سورة البقرة والله أعلم.
* (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا فى الارض مفسدين) * قراءة العامة اثنتا عشرة بسكون الشين على التخفيف وقراءة أبي جعفر بكسر الشين، وعن بعضهم بفتح الشين، والوجه هو الأول لأنه أخف وعليه أكثر القراء، واعلم أن هذا هو الإنعام التاسع من الإنعامات المعدودة على بني إسرائيل، وهو جامع لنعم الدنيا والدين، أما في الدنيا فلأنه تعالى أزال عنهم الحاجة الشديدة إلى الماء ولولاه لهلكوا في التيه، كما لولا إنزاله المن والسلوى لهلكوا، فقد قال تعالى: * (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام) * (الأنبياء: 8) وقال: * (وجعلنا من الماء كل شيء حي) * (الأنبياء: 30) بل الإنعام بالماء في التيه أعظم من الإنعام بالماء المعتاد لأن الإنسان إذا اشتدت حاجته إلى الماء في المفازة وقد انسدت عليه أبواب الرجاء لكونه في مكان لا ماء فيه ولا نبات، فإذا رزقه الله الماء من حجر ضرب بالعصا فانشق واستقى منه علم أن هذه النعمة لا يكاد يعدلها شيء من النعم، وأما كونه من نعم الدين فلأنه من أظهر الدلائل على وجود الصانع وقدرته وعلمه ومن أصدق الدلائل على صدق موسى عليه السلام، وههنا مسائل: المسألة الأولى: جمهور المفسرين أجمعوا على أن هذا الاستسقاء كان في التيه، لأن الله تعالى لما ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل ثيابهم بحيث لا تبلى ولا تتسخ خافوا