ليس بين كون الدنيا سبعة آلاف سنة وبين كون العذاب سبعة أيام مناسبة وملازمة البتة. وأما الثاني: فلأنه لا يلزم من كون المعصية مقدرة بسبعة أيام أن يكون عذابها كذلك. أما على قولنا فلأنه يحسن من الله كل شيء بحكم المالكية، وأما عند المعتزلة فلأن العاصي يستحق على عصيانه العقاب الدائم ما لم توجد التوبة أو العفو، فإن قيل: أليس أنه تعالى منع من استيفاء الزيادة فقال: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * (الشورى: 40) فوجب أن لا يزيد العقاب على المعصية؟ قلنا: إن المعصية تزداد بقدر النعمة. فلما كانت نعم الله على العباد خارجة عن الحصر والحد لا جرم كانت معصيتهم عظيمة جدا.
الوجه الثاني: روي عن ابن عباس أنه فسر هذه الأيام بالأربعين، وهو عدد الأيام التي عبدوا العجل فيها، والكلام عليه أيضا كالكلام على السبعة.
الوجه الثالث: قيل في معنى " معدودة " قليلة، كقوله تعالى: * (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة) * (يوسف: 20) والله أعلم.
المسألة الثانية؛ ذهبت الحنفية إلى أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة، واحتجوا عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: " دعي الصلاة أيام أقرائك "، فمدة الحيض ما يسمى أياما وأقل عدد يسمى أياما ثلاثة وأكثره عشرة على ما بيناه، فوجب أن يكون أقل الحيض ثلاثة وأكثره عشرة، والإشكال عليه ما تقدم.
المسألة الثالثة: ذكر ههنا: * (وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة) * وفي آل عمران: * (إلا أياما معدودات) * (آل عمران: 24) ولقائل أن يقول: لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو " أياما "؟ والجواب: أن الاسم إن كان مذكرا فالأصل في صفة جمعه التاء. يقال: كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان مؤنثا كان الأصل في صفة جمعه الألف والتاء، يقال: جرة وجرار مكسورات وخابية وخوابي مكسورات. إلا أنه قد يوجد الجمع بالألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادرا نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى: * (في أيام معدودات) * و * (في أيام معلومات) * فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله: * (أياما معدودة) * وفي آل عمران بما هو الفرع.
أما قوله تعالى: * (قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده) * ففيه مسائل: المسألة الأولى: العهد في هذا الموضع يجري مجرى الوعد والخبر، وإنما سمي خبره سبحانه عهدا لأن خبره سبحانه أوكد من العهود المؤكدة منا بالقسم والنذر، فالعهد من الله لا يكون إلا بهذا الوجه.
المسألة الثانية: قال صاحب " الكشاف ": " فلن يخلف الله " متعلق بمحذوف وتقديره إن اتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده.
المسألة الثالثة: قوله تعالى: * (أتخذتم) * ليس باستفهام، بل هو إنكار لأنه لا يجوز أن يجعل تعالى حجة رسوله في إبطال قولهم أن يستفهمهم، بل المراد التنبيه على طريقة الاستدلال وهي أنه لا سبيل