حرف " إلى " كما في قوله: * (واختار موسى قومه) * (الأعراف: 155) والمعنى من قومه، والمقصود منه أن المعلم إذا نظر إلى المتعلم كان إيراده للكلام على نعت الإفهام والتعريف أظهر وأقوى. وثالثها: قرأ أبي بن كعب " أنظرنا " من النظرة أي أمهلنا.
أما قوله تعالى: * (واسمعوا) * فحصول السماع عند سلامة الحاسة أمر ضروري خارج عن قدرة البشر، فلا يجوز وقوع الأمر به، فإذن المراد منه أحد أمور ثلاثة، أحدها: فرغوا أسماعكم لما يقول النبي عليه السلام حتى لا تحتاجوا إلى الاستعادة، وثانيها: اسمعوا سماع قبول وطاعة ولا يكن سماعكم سماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا، وثالثها: اسمعوا ما أمرتم به حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه تأكيدا عليهم، ثم إنه تعالى بين ما للكافرين من العذاب الأليم إذا لم يسلكوا مع الرسول هذه الطريقة من الإعظام والتبجيل والإصغاء إلى ما يقول والتفكر فيما يقول، ومعنى " العذاب الأليم " قد تقدم.
* (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشآء والله ذوالفضل العظيم) * واعلم أنه تعالى لما بين حال اليهود والكفار في العداوة والمعاندة حذر المؤمنين منهم فقال: * (ما يود الذين كفروا) * فنفى عن قلوبهم الود والمحبة لكل ما يظهر به فضل المؤمنين وههنا مسألتان:
المسألة الأولى: " من " الأولى للبيان لأن الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب والمشركون، والدليل عليه قوله تعالى: * (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) * (البينة: 1) والثانية: مزيدة لاستغراق الخير، والثالثة: لابتداء الغاية.
المسألة الثانية: الخير الوحي وكذلك الرحمة، يدل عليه قوله تعالى: * (أهم يقسمون رحمة ربك) * (الزخرف: 32) المعنى أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحي إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحي.
ثم بين سبحانه أن ذلك الحسد لا يؤثر في زوال ذلك، فإنه سبحانه يختص برحمته وإحسانه من يشاء.
* (ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن ا الله على كل شيء قدير) *