فأما بالتواتر أو بالآحاد والآحاد لا مجال له فيه لان رواية الآحاد لا تفيد إلا الظن والمسألة علمية والتمسك في المطالب العلمية بالدلائل الظنية غير جائز. وأما بالتواتر فباطل لأنه لو حصل ذلك لعرفه جمهور المسلمين ولو كان كذلك لما أنكروا هذه الشفاعة. فحيث أطبق الأكثرون على الانكار علمنا أنه لم يوجد هذا الاذن (وعاشره) قوله تعالى (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون الذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك) ولو كانت الشفاعة حاصله للفاسق لم يكن لتقييدها بالتوبة ومتابعة السبيل معنى (الحادي عشر) الأخبار الدالة على أنه لا توجد الشفاعة في حق أصحاب الكبائر وهي أربعة (الأول) ما روى العلا. بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام دخل المقبرة فقال (السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنى قد رأيت إخواننا. قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك قال بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال أرأيت إن كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم فهل لا يعرف خيله؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض. ألا فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا والاستدلال بهذا الخبر على نفى الشفاعة أنه لو كان شفيعا لهم لم يكن يقول فسحقا فسحقا لان الشفيع لا يقول ذلك، وكيف يجوز أن يكون شفيعا لهم في الخلاص من العقاب الدائم وهو يمنعهم شربة ماء (الثاني) روى عبد الرحمن ابن ساباط عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة (يا كعب بن عجرة أعيذك بالله من إمارة السفهاء إنه سيكون أمراء من دخل عليهم فأعانهم على ظلمهم وصدقهم بكذبهم فليس منى ولست منه ولن يرد على الحوض ومن لم يدخل عليهم ولم يعنهم على ظلمهم ولم يصدقهم بكذبهم فهو منى وأنا منه وسيرد على الحوض، يا كعب بن عجرة الصلاة قربان والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، يا كعب بن عجرة لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت) والاستدلال بهذا الحديث من ثلاثة أوجه (أحدها) أنه إذا لم يكن من النبي ولا النبي منه فكيف يشفع له، (وثانيها) قوله لم يرد على الحوض دليل على نفى الشفاعة لأنه إذا منع من الوصول إلى الرسول حتى يرد عليه الحوض فبأن يمتنع الرسول من خلاصة من العقاب أولى (وثالثها) أن قوله لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت صريح في أنه لا أثر للشفاعة في حق صاحب الكبيرة، (الثالث) عن أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام لا ألفين أحد كم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثى فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك هذا صريح في المطلوب لأنه إذا لم يملك له من الله شيئا فليس له في الشفاعة نصيب (الرابع) عن أبي هريرة قال قال عليه الصلاة والسلام (ثلاثة أنا خصيمهم يوم القيامة ومن كنت خصيمه خصمته، رجل
(٥٨)