إن البقر تشابه علينا وإنآ إن شآء الله لمهتدون * قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقى الحرث مسلمة لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون * وإذ قتلتم نفسا فادرأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون * فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) * اعلم أن هذا هو النوع الثاني من التشديدات. روي عن ابن عباس وسائر المفسرين أن رجلا من بني إسرائيل قتل قريبا لكي يرثه ثم رماه في مجمع الطريق ثم شكا ذلك إلى موسى عليه السلام فاجتهد موسى في تعرف القاتل، فلما لم يظهر قالوا له: سل لنا ربك حتى يبينه، فسأله فأوحى الله إليه: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * فتعجبوا من ذلك ثم شددوا على أنفسهم بالاستفهام حالا بعد حال واستقصوا في طلب الوصف فلما تعينت لم يجدوها بذلك النعت إلا عند إنسان معين ولم يبعها إلا بأضعاف ثمنها، فاشتروها وذبحوها وأمرهم موسى أن يأخذوا عضوا منها فيضربوا به القتيل، ففعلوا فصار المقتول حيا وسمي لهم قاتله وهو الذي ابتدأ بالشكاية فقتلوه قودا، ثم ههنا مسائل:
المسألة الأولى: أن الإيلام والذبح حسن وإلا لما أمر الله به، ثم عندنا وجه الحسن فيه أنه تعالى مالك الملك فلا اعتراض لأحد عليه، وعند المعتزلة إنما يحسن لأجل الأعواض.
المسألة الثانية: أنه تعالى أمر بذبح بقرة من بقر الدنيا وهذا هو الواجب المخير فدل ذلك على صحة قولنا بالواجب المخير. المسألة الثالثة: القائلون بالعموم اتفقوا على أن قوله تعالى: * (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) * معناه اذبحوا أي بقرة شئتم فهذه الصيغة تفيد هذا العموم، وقال منكروا العموم: إن هذا لا يدل على العموم واحتجوا عليه بوجوه: الأول: أن المفهوم من قول القائل اذبح بقرة. يمكن تقسيمه إلى قسمين، فإنه يصح أن يقال: اذبح بقرة معينة من شأنها كيت وكيت ويصح أيضا