ما جواب الشرط الأول؟ قلنا: الشرط الثاني مع جوابه، كقولك: إن جئتني فإن قدرت أحسنت إليك.
المسألة الثانية: روي في الأخبار أن آدم عليه السلام أهبط بالهند وحواء بجدة وإبليس بموضع من البصرة على أميال والحية بأصفهان.
المسألة الثالثة: في " الهدي " وجوه: أحدها: المراد منه كل دلالة وبيان فيدخل فيه دليل العقل وكل كلام ينزل على نبي، وفيه تنبيه على عظم نعمة الله تعالى على آدم وحواء فكأنه قال: وإن أهبطنكم من الجنة إلى الأرض فقد أنعمت عليكم بما يؤديكم مرة أخرى إلى الجنة مع الدوام الذي لا ينقطع. قال الحسن: لما أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض أوحى الله تعالى إليه يا آدم أربع خصال فيها كل الأمر لك ولولدك. واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين الناس، أما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا، وأما التي لك فإذا عملت نلت أجرتك، وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة، وأما التي بينك وبين الناس فإن تصحبهم بما تحب أن يصحبوك به. وثانيها: ما روي عن أبي العالية أن المراد من الهدى الأنبياء وهذا إنما يتم لو كان المخاطب بقوله: * (فإما يأتينكم مني هدى) * غير آدم وهم ذريته وبالجملة فهذا التأويل يوجب تخصيص المخاطبين بذرية آدم وتخصيص الهدي بنوع معين وهو الأنبياء من غير دليل دل على هذا التخصيص.
المسألة الرابعة: أنه تعالى بين أن من اتبع هداه بحقه علما وعملا بالإقدام على ما يلزم والاحجام عما يحرم فإنه يصير إلى حال لا خوف فيها ولا حزن، وهذه الجملة مع اختصارها تجمع شيئا كثيرا من المعاني لأن قوله: * (فإما يأتينكم مني هدى) * (البقرة: 38) (طه: 123) دخل فيه الإنعام بجميع الأدلة العقلية والشرعية وزيادات البيان وجميع ما لا يتم ذلك إلا به من العقل ووجوه التمكن، وجميع قوله: * (فمن تبع هداي) * (البقرة: 38) تأمل الأدلة بحقها والنظر فيها واستنتاج المعارف منها والعمل بها ويجمع ذلك كل التكاليف وجمع قوله: * (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * (البقرة: 38) جميع ما أعد الله تعالى لأولياءه لأن زوال الخوف يتضمن السلامة من جميع الآفات وزوال الحزن يقتضي الوصول إلى كل اللذات والمرادات وقدم عدم الخوف على عدم الحزن لأن زوال ما لا ينبغي مقدم على طلب ما ينبغي، وهذا يدل على أن المكلف الذي أطاع الله تعالى لا يلحقه خوف في القبر ولا عند البعث ولا عند حضور الموقف ولا عند تطاير الكتب ولا عند نصب الموازين ولا عند الصراط كما قال الله تعالى: * (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * (الأنبياء: 103) وقال قوم من المتكلمين: إن أهوال القيامة كما تصل إلى الكفار والفساق تصل أيضا إلى المؤمنين لقوله تعالى: * (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت) * (الحج: 2) وأيضا فإذا انكشفت تلك الأهوال وصاروا إلى الجنة ورضوان الله صار ما تقدم كأن لم يمكن، بل ربما كان زائدا في الالتذاذ بما يجده من