النوع السابع من السحر: تعليق القلب وهو أن يدعي الساحر أنه قد عرف الاسم الأعظم وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور، فإذا اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه، بذلك وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة، وإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة فحينئذ يتمكن الساحر من أن يفعل حينئذ ما يشاء وإن من جرب الأمور وعرف أحوال أهل العلم علم أن لتعلق القلب أثرا عظيما في تنفيذ الأعمال وإخفاء الأسرار.
النوع الثامن من السحر: السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شائع في الناس، فهذا جملة الكلام في أقسام السحر وشرح أنواعه وأصنافه والله أعلم.
المسألة الرابعة: في أقوال المسلمين في أن هذه الأنواع هل هي ممكنة أم لا؟ أما المعتزلة فقد اتفقوا على إنكارها إلا النوع المنسوب إلى التخيل والمنسوب إلى إطعام بعض الأدوية المبلدة والمنسوب إلى التضريب والنميمة، فأما الأقسام الخمسة الأول فقد أنكروها ولعلهم كفروا من قال بها وجوز وجودها، وأما أهل السنة فقد جوزوا أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا والحمار إنسانا، إلا أنهم قالوا: إن الله تعالى هو الخالق لهذه الأشياء عندما يقرأ الساحر رقى مخصوصة وكلمات معينة. فأما أن يكون المؤثر في ذلك الفلك والنجوم فلا. وأما الفلاسفة والمنجمون والصابئة فقولهم على ما سلف تقريره، واحتج أصحابنا على فساد قول الصابئة إنه قد ثبت أن العالم محدث فوجب أن يكون موجده قادرا والشيء الذي حكم العقل بأنه مقدور إنما يصح أن يكون مقدورا لكونه ممكنا والإمكان قدر مشترك بين كل الممكنات، فأذن كل الممكنات مقدور لله تعالى ولو وجد شيء من تلك المقدورات بسبب آخر يلزم أن يكون ذلك السبب مزيلا لتعلق قدرة الله تعالى بذلك المقدور فيكون الحادث سببا لعجز الله وهو محال، فثبت أنه يستحيل وقوع شيء من الممكنات إلا بقدرة الله وعنده يبطل كل ما قاله الصابئة، قالوا: إذا ثبت هذا فندعي أنه يمتنع وقوع هذه الخوارق بإجراء العادة عند سحر السحرة فقد احتجوا على وقوع هذا النوع من السحر بالقرآن والخبر. أما القرآن فقوله تعالى في هذه الآية: * (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) *، والاستثناء يدل على حصول الآثار بسببه، وأما الأخبار فهي واردة عنه صلى الله عليه وسلم متواترة وآحادا، أحدها ما روي أنه عليه السلام سحر، وأن السحر عمل فيه حتى قال: " إنه ليخيل إلى أني أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله " وأن امرأة يهودية سحرته وجعلت ذلك السحر تحت راعوفة البئر، فلما استخرج ذلك زال عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العارض وأنزل المعوذتان بسببه، وثانيها: أن امرأة أتت عائشة رضي الله عنها فقالت لها: إني ساحرة فهل لي من توبة؟ فقالت: وما سحرك؟ فقالت: صرت إلى الموضع الذي فيه هاروت وماروت ببابل لطلب علم السحر فقالا: لي يا أمة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا فأبيت، فقالا لي: اذهبي فبولي على ذلك الرماد، فذهبت لأبول عليه ففكرت في نفسي فقلت لا أفعل وجئت إليهما فقلت: قد فعلت، فقالا لي: ما رأيت لما فعلت؟ فقلت