مستعملا ثابتا وكانت أخبار الشاهد واليمين مختلفا فيها، وجب أن يكون خبر الشاهد واليمين منسوخا بالقرآن، لأنه لو كان ثابتا لاتفق على استعمال حكمه كاتفاقهم على استعمال حكم القرآن.
والوجه الرابع: أن خبر الشاهد واليمين لو سلم من معارضة الكتاب وورد من طرق مستقيمة لما صح الاحتجاج به في الاستحقاق فشاهد ويمين الطالب، وذلك أن أكثر ما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين، وهذه حكاية قضية من النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بلفظ عموم في إيجاب الحكم بشاهد ويمين حتى يحتج به في غيره، ولم يبين لنا كيفيتها في الخبر.
وفي حديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد) وذلك محتمل أن يريد به أن وجود الشاهد الواحد لا يمنع استحلاف المدعى عليه إن استحلفه مع شهادة شاهد، فأفاد أن شهادة الشاهد الواحد لا تمنع استحلاف المدعى عليه، وأن وجوده وعدمه بمنزلة. وقد كان يجوز أن يظن ظان أن اليمين إنما تجب على المدعى عليه إذا لم يكن للمدعي شاهد أصلا، فأبطل الراوي بنقله لهذه القضية ظن الظان لذلك. وأيضا فإن الشاهد قد يكون اسما للجنس، فجائز أن يكون مراد الراوي أنه قضى باليمين في حال وبالبينة في حال، فلا يكون حكم الشاهد مفيدا للقضاء بشهادة واحد، وهذا كقوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) [المائدة: 38] لما كان اسما للجنس لم يكن المراد سارقا واحدا. وجائز أن يكون قضى بشاهد واحد، وهو خزيمة بن ثابت الذي جعل شهادته بشهادة رجلين، فاستحلف الطالب مع ذلك لأن المطلوب ادعى البراءة.
والوجه الخامس: احتماله لموافقة مذهبنا، وذلك بأن تكون القضية فيمن اشترى جارية وادعى عيبا في موضع لا يجوز النظر إليه إلا لعذر، فتقبل شهادة الشاهد الواحد في وجود العيب، واستحلف المشتري مع ذلك بالله ما رضي فيكون قد قضى بالرد على البائع بشهادة شاهد مع يمين الطالب وهو المشتري. وإذا كان خبر الشاهد واليمين محتملا لما وصفنا، وجب حمله عليه وأن لا يزال به حكم ثابت من جهة نص القرآن، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني، وما خالفه فليس مني) وأيضا فإن القضية المروية في الشاهد واليمين ليس فيها أنها كانت في الأموال أو غيرها، وقد اتفق الفقهاء على بطلانه في غير الأموال فكذلك في الأموال.
فإن قيل: قال عمرو بن دينار في الأموال. قيل له: هو قول عمرو بن دينار ومذهبه، وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بها في الأموال فإذا جاز أن لا يقضي في غير الأموال، وإن كانت القضية مبهمة ليس فيها بيان ذكر الأموال ولا غيرها، فكذلك لا