على أعدائكم، يسؤهم. وإن تنلكم مساءة بإخفاق سرية لكم، أو بإصابة عدو لكم منكم، أو اختلاف يكون بين جماعتكم يفرحوا بها. كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) *، فإذا رأوا من أهل الاسلام ألفة وجماعة وظهورا على عدوهم، غاظهم ذلك وساءهم، وإذا رأوا من أهل الاسلام فرقة واختلافا أو أصيب طرف من أطراف المسلمين سرهم ذلك وأعجبوا به وابتهجوا به، فهم كلما خرج منهم قرن أكذب الله أحدوثته وأوطأ محلته، وأبطل حجته، وأظهر عورته، فذاك قضاء الله فيمن مضى منهم وفيمن بقي إلى يوم القيامة.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله: * (إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها) * قال: هم المنافقون إذا رأوا من أهل الاسلام جماعة وظهورا على عدوهم، غاظهم ذلك غيظا شديدا وساءهم، وإذا رأوا من أهل الاسلام فرقة واختلافا، أو أصيب طرف من أطراف المسلمين، سرهم ذلك وأعجبوا به، قال الله عز وجل: * (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (إن تمسسكم حسنة تسؤهم) * قال: إذا رأوا من المؤمنين جماعة وألفة ساءهم ذلك، وإذا رأوا منهم فرقة واختلافا فرحوا.
وأما قوله: * (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) * فإنه يعني بذلك جل ثناؤه:
وإن تصبروا أيها المؤمنون على طاعة الله، واتباع أمره فيما أمركم به، واجتناب ما نهاكم عنه، من اتخاذ بطانة لأنفسكم من هؤلاء اليهود الذين وصف الله صفتهم من دون المؤمنين، وغير ذلك من سائر ما نهاكم، وتتقوا ربكم، فتخافوا التقدم بين يديه فيما ألزمكم، وأوجب عليكم من حقه وحق رسوله، لا يضركم كيدهم شيئا: أي كيد هؤلاء الذين وصف صفتهم.
ويعني بكيدهم: غوائلهم التي يبتغونها للمسلمين ومكرهم بهم ليصدوهم عن الهدى وسبيل الحق.
واختلف القراء في قراءة قوله: * (لا يضركم) * فقرأ ذلك جماعة من أهل الحجاز وبعض البصريين: لا يضركم مخففة بكسر الضاد من قول القائل: ضارني فلان فهو يضيرني ضيرا، وقد حكي سماعا من العرب: ما ينفعني ولا يضورني. فلو كانت قرئت على