وقال آخرون بنحو هذا المعنى، غير أنهم قالوا: لم يصبر القوم، ولم يتقوا، ولم يمدوا بشئ في أحد. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
ثني عمرو بن دينار، عن عكرمة، سمعه يقول: * (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا) * قال: يوم بدر قال: فلم يصبروا ولم يتقوا، فلم يمدوا يوم أحد، ولو مدوا لم يهزموا يومئذ.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت عكرمة يقول: لم يمدوا يوم أحد ولا بملك واحد - أو قال:
إلا بملك واحد، أبو جعفر يشك.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ، قال: سمعت عبيد بن سليمان، عن الضحاك، قوله: * (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف) * إلى:
* (خمسة آلاف من الملائكة مسومين) * كان هذا موعدا من الله يوم أحد، عرضه على نبيه محمد (ص) أن المؤمنين إن اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، ففر المسلمون يوم أحد، وولوا مدبرين، فلم يمدهم الله.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا) *... الآية كلها قالوا لرسول الله (ص)، وهم ينظرون المشركين: يا رسول الله أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر؟ فقال رسول الله (ص):
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين، وإنما أمدكم يوم بدر بألف؟
قال: فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا، قال: بشرط أن يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم... الآية كلها.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر عن نبيه محمد (ص) أنه قال للمؤمنين: * (ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة) *؟ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مددا لهم، ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف، خمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم، واتقوا الله. ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف، ولا بالخمسة آلاف، ولا على أنهم لم يمدوا بهم.
وقد يجوز أن يكون الله عز وجل أمدهم على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم. وقد