بقولهما على ما روينا عنهم، وإن كان سائر الأقوال الأخر متقاربة المعنى من معنى ما قاله ابن عباس وقتادة في ذلك. وذلك أن معنى قوله: * (قائمة) * مستقيمة على الهدى، وكتاب الله وفرائضه، وشرائع دينه، بالعدل والطاعة، وغير ذلك من أسباب الخير من صفة أهل الاستقامة على كتاب الله وسنة رسول الله (ص). ونظير ذلك الخبر الذي رواه النعمان بن بشير، عن النبي (ص) أنه قال: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم ركبوا سفينة، ثم ضرب لهم مثلا فالقائم على حدود الله هو الثابت على التمسك بما أمره الله به واجتناب ما نهاه الله عنه.
فتأويل الكلام: من أهل الكتاب جماعة معتصمة بكتاب الله، متمسكة به، ثابتة على العمل بما فيه، وما سن له رسوله (ص).
القول في تأويل قوله تعالى: * (يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون) *.
يعني بقوله: * (يتلون آيات الله) *: يقرءون كتاب الله آناء الليل، ويعني بقوله: * (آيات الله) *: ما أنزل في كتابه من العبر والمواعظ، يقول: يتلون ذلك آناء الليل، يقول: في ساعات الليل، فيتدبرونه ويتفكرون فيه. وأما * (آناء الليل) *: فساعات الليل، واحدها:
إني، كما قال الشاعر:
حلو ومر كعطف القدح مرته * في كل إني قضاه الليل ينتعل وقد قيل إن واحد الآناء: إني مقصور، كما واحد الأمعاء: معي.
واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: تأويله: ساعات الليل، كما