أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * إلى قوله: * (ولا هم يحزنون) *، فهذا النبأ الذي بلغ الله ورسوله والمؤمنين ما قال الشهداء.
وفي نصب قوله: * (فرحين) * وجهان: أحدهما: أن يكون منصوبا على الخروج من قوله: * (عند ربهم) * والآخر من قوله: * (يرزقون) *. ولو كان رفعا بالرد على قوله: بل أحياء فرحون كان جائزا.
القول في تأويل قوله: * (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: ويفرحون بمن لم يلحق بهم من إخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على مناهجهم، من جهاد أعداء الله مع رسوله، لعلمهم بأنهم إن استشهدوا فلحقوا بهم، صاروا من كرامة الله إلى مثل الذي صاروا هم إليه، فهم لذلك مستبشرون بهم، فرحون أنهم إذا صاروا كذلك، * (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) * يعني بذلك: لا خوف عليهم لأنهم قد أمنوا عقاب الله، وأيقنوا برضاه عنهم، فقد أمنوا الخوف الذي كانوا يخافونه من ذلك في الدنيا، ولا هم يحزنون على ما خلفوا وراءهم من أسباب الدنيا، ونكد عيشها، للخفض الذي صاروا إليه والدعة والزلفة، ونصب أن لا بمعنى: يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
* (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) *... الآية، يقول: لإخوانهم الذين فارقوهم على دينهم وأمرهم لما قدموا عليه من الكرامة والفضل والنعيم الذي أعطاهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
* (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) *... الآية، قال يقول: إخواننا يقتلون كما قتلنا، يلحقون فيصيبون من كرامة الله تعالى ما أصبنا.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: ذكر لنا عن بعضهم في قوله: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) *