وقالوا: بئسما صنعتم إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم، ارجعوا واستأصلوهم! فقذف الله في قلوبهم الرعب، فهزموا. فأخبر الله رسوله، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، ثم رجعوا من حمراء الأسد، فأنزل الله جل ثناؤه فيهم: * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: إن الله عز وجل قذف في قلب أبي سفيان الرعب - يعني:
يوم أحد - بعد ما كان منه ما كان، فرجع إلى مكة، فقال النبي (ص): إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب. وكانت وقعة أحد في شوال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة، فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة. وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح، واشتكوا ذلك إلى نبي الله (ص)، واشتد عليهم الذي أصابهم. وإن رسول الله ندب الناس لينطلقوا معه، ويتبعوا ما كانوا متبعين، وقال:
إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال: إن الناس قد جمعوا لكم. فأبى عليه الناس أن يتبعوه، فقال: إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد لأحضض الناس فانتدب معه أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا. فساروا في طلب أبي سفيان، فطلبوه حتى بلغوا الصفراء، فأنزل الله تعالى: * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) *.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هاشم بن القاسم، قال: ثنا أبو سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنها قالت لعبد الله بن الزبير: يا ابن أختي، أما والله إن أباك وجدك - تعني: أبا بكر والزبير - ممن قال الله تعالى فيهم: * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
أخبرت أن أبا سفيان بن حرب لما راح هو وأصحابه يوم أحد قال المسلمون للنبي (ص):
إنهم عامدون إلى المدينة، فقال: إن ركبوا الخيل وتركوا الأثقال فإنهم عامدون إلى