وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الامر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) * وإن الله وعد المؤمنين أن ينصرهم، وأنه معهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، أن محمد بن يحيى بن حبان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا في قصة ذكرها عن أحد، ذكر أن كلهم قد حدث ببعضها، وأن حديثهم اجتمع فيما ساق من الحديث، فكان فيما ذكر في ذلك: أن رسول الله (ص) نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحد، وقال: لا تقاتلوا حتى نأمر بالقتال، وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين، فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله (ص) عن القتال: أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب!
وصفنا رسول الله (ص) للقتال، وهو في سبعمائة رجل، وتصاف قريش وهم ثلاثة آلاف، ومعهم مائتا فرس قد جنبوها، فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل. وأمر رسول الله (ص) على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ معلم بثياب بيض، والرماة خمسون رجلا، وقال: انضح عنا الخيل بالنبل لا يأتونا من خلفنا! إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك، لا نؤتين من قبلك! فلما التقى الناس، ودنا بعضهم من بعض، واقتتلوا حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس، وحمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين، فأنزل الله عز وجل نصره، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم، وكانت الهزيمة لا شك فيها.